( 3856 ) فصل : وإن قال له علي ألف ودرهم ، أو ألف وثوب ، أو قفيز حنطة    . فالمجمل من جنس المفسر أيضا . وكذلك إن قال : ألف درهم وعشرة ، أو ألف ثوب وعشرون . 
وهذا قول  القاضي  ، وابن حامد  ،  وأبي ثور    . وقال التميمي  ،  وأبو الخطاب    : يرجع في تفسير المجمل إليه ، لأن الشيء يعطف على جنسه ، قال الله تعالى : { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا    } . ولأن الألف مبهم فرجع في تفسيره إلى المقر ، كما لو لم يعطف عليها . 
وقال  أبو حنيفة    : إن عطف على المبهم مكيلا أو موزونا ، كان تفسيرا له ، وإن عطف مذروعا أو معدودا ، لم يكن تفسيرا ; لأن علي للإيجاب في الذمة ، فإن عطف عليه ما يثبت في الذمة بنفسه ، كان تفسيرا له كقوله : مائة وخمسون درهما . ولنا ، أن العرب  تكتفي بتفسير إحدى الجملتين عن الجملة الأخرى ، قال الله تعالى {    : ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا    } . 
وقال الله تعالى : { عن اليمين وعن الشمال قعيد    } . ولأنه ذكر مبهما مع مفسر لم يقم الدليل على أنه من غير جنسه ، فكان المبهم من جنس المفسر ، كما لو قال : مائة وخمسون درهما ، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا . يحققه أن المبهم يحتاج إلى التفسير ، وذكر التفسير في الجملة المقارنة له يصلح أن يفسره ، فوجب حمل الأمر على ذلك ، أما قوله : { أربعة أشهر وعشرا    } . 
فإنه امتنع أن يكون العشر أشهرا لوجهين : أحدهما ، أن العشر بغير هاء عدد للمؤنث ، والأشهر مذكرة فلا يجوز أن تعد بغيرها . الثاني ، أنها لو كانت أشهرا لقال : أربعة عشر شهرا . بالتركيب ، لا بالعطف ، كما قال : { عليها تسعة عشر    } . 
وقولهم : إن الألف مبهم . قلنا قد قرن به ما يدل على تفسيره ، فأشبه ما لو قال : مائة وخمسون درهما ، أو مائة ودرهم . عند  أبي حنيفة    . فإن قيل : إذا قال : مائة وخمسون درهما . فالدرهم ذكر للتفسير ، ولهذا لا يزداد به العدد ، فصلح تفسير الجميع ما قبله ، بخلاف قوله : مائة درهم . 
فإنه ذكر الدرهم للإيجاب ، لا للتفسير ، بدليل أنه  [ ص: 106 ] زاد به العدد . قلنا : هو صالح للإيجاب والتفسير معا ، والحاجة داعية إلى التفسير ، فوجب حمل الأمر على ذلك ، صيانة لكلام المقر عن الإلباس والإبهام ، وصرفا له إلى البيان والإفهام . وقول أصحاب  أبي حنيفة    : إن " علي " للإيجاب . قلنا : فمتى عطف ما يجب بها على ما يجب ، وكان أحدهما مبهما والآخر مفسرا ، وأمكن تفسيره به ، وجب أن يكون المبهم من جنس المفسر ، فأما إن لم يمكن ، مثل أن يعطف عدد المذكر على المؤنث ، أو بالعكس ، ونحو ذلك ، فلا يكون أحدهما من جنس الآخر ، ويبقى المبهم على إبهامه ، كما لو قال : له علي أربعة دراهم وعشر . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					