أجالت حصاهن الذواري وحيضت عليهن حيضات السيول الطواحم
وقد علق الشرع على الحيض أحكاما ; فمنها أنه يحرم وطء الحائض في الفرج ، لقول الله تعالى { : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } .
ومنها أنه يمنع فعل الصلاة والصوم ; بدليل { قول النبي صلى الله عليه وسلم : أليست إحداكن إذا حاضت لا تصوم ولا تصلي } . رواه البخاري .
وقالت حمنة للنبي صلى الله عليه وسلم : إني أستحاض حيضة شديدة منكرة ، قد منعتني الصوم والصلاة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : { إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة } ، ومنها أنه يسقط وجوب الصلاة دون الصيام ; لما روي { أن معاذة قالت : سألت عائشة ، فقلت : ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ فقلت : لست بحرورية ، ولكني أسأل . فقالت : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة } . متفق عليه . إنما قالت لها عائشة ذلك ; لأن الخوارج يرون على الحائض قضاء الصلاة .
ومنها أنه يمنع قراءة القرآن ; لقوله عليه السلام : { لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن } . ومنها أنه يمنع اللبث في المسجد ، والطواف بالبيت ; لأنه في معنى الجنابة . ومنها أنه يحرم الطلاق ; لقول الله تعالى : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } ، ولما { طلق ابن عمر امرأته وهي حائض أمره النبي صلى الله عليه وسلم برجعتها وإمساكها حتى تطهر } .
ومنها أنه يمنع صحة [ ص: 189 ] الطهارة ; لأن حدثها مقيم . ومنها أنه يوجب الغسل عند انقطاعه لقوله عليه السلام { أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ، ثم اغتسلي وصلي . } متفق عليه . وهو علم على البلوغ ; لقوله عليه السلام : { لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار . }
ولا تنقضي العدة في حق المطلقة وأشباهها إلا به ، لقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } . وأكثر هذه الأحكام مجمع عليها بين علماء الأمة .
وإذا ثبت هذا ، فالحاجة داعية إلى معرفة الحيض ، ليعلم ما يتعلق به من الأحكام . قال أحمد ، رحمه الله : الحيض يدور على ثلاثة أحاديث : حديث فاطمة ، وأم حبيبة ، وحمنة . وفي رواية : حديث أم سلمة . مكان حديث أم حبيبة . وسنذكر هذه الأحاديث وغيرها في مواضعها ، إن شاء الله تعالى .


