( 4410 ) مسألة قال : ( وإذا خرب الوقف ، ولم يرد شيئا ، بيع ، واشتري بثمنه ما يرد على أهل الوقف ، وجعل وقفا كالأول ، وكذلك الفرس الحبيس إذا لم يصلح للغزو ، بيع ، واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد ) وجملة ذلك أن الوقف إذا خرب ، وتعطلت منافعه  ، كدار انهدمت ، أو أرض خربت ، وعادت مواتا ، ولم تمكن عمارتها ، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه ، وصار في موضع لا يصلى فيه ، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه . 
أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه ، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته . وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه ، بيع جميعه . قال  أحمد  ، في رواية أبي داود    : إذا كان في المسجد خشبتان ، لهما قيمة ، جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه . وقال في رواية  صالح    : يحول المسجد خوفا من اللصوص ، وإذا كان موضعه قذرا . قال  القاضي    : يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه . ونص على جواز بيع عرصته ، في رواية عبد الله  ، وتكون الشهادة في ذلك على الإمام 
قال أبو بكر    : وقد روى علي بن سعيد  ، أن المساجد لا تباع ، وإنما تنقل آلتها . قال : وبالقول الأول أقول ; لإجماعهم على جواز بيع الفرس الحبيس  يعني الموقوفة على الغزو إذا كبرت ، فلم تصلح للغزو ، وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر ، مثل أن تدور في الرحى ، أو يحمل عليها تراب ، أو تكون الرغبة في نتاجها ، أو حصانا يتخذ للطراق ، فإنه يجوز بيعها ، ويشترى بثمنها ما يصلح للغزو . نص عليه  أحمد    . 
وقال  محمد بن الحسن    : إذا خرب المسجد أو الوقف ، عاد إلى ملك واقفه ; لأن الوقف إنما هو تسبيل المنفعة ، فإذا زالت منفعته ، زال حق الموقوف عليه منه ، فزال ملكه عنه . وقال  مالك  ،  والشافعي    : لا يجوز بيع شيء من ذلك ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يباع أصلها ، ولا تبتاع ، ولا توهب ، ولا تورث " . ولأن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه ، لا يجوز بيعه  [ ص: 369 ] مع تعطلها ، كالمعتق ، والمسجد أشبه الأشياء بالمعتق 
ولنا ما روي أن  عمر  رضي الله عنه كتب إلى  سعد  ، لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة  ، أن انقل المسجد الذي بالتمارين ، واجعل بيت المال في قبلة المسجد ، فإنه لن يزال في المسجد مصل . وكان هذا بمشهد من الصحابة ، ولم يظهر خلافه ، فكان إجماعا . ولأن فيما ذكرناه استبقاء الوقف بمعناه عند تعذر إبقائه ، بصورته ، فوجب ذلك ، كما لو استولد الجارية الموقوفة ، أو قبلها غيره 
قال  ابن عقيل    : الوقف مؤبد ، فإذا لم يمكن تأبيده على وجه ، يخصصه استبقاء الغرض ، وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى ، وإيصال الأبدال جرى مجرى الأعيان ، وجمودنا على العين مع تعطلها تضييع للغرض . ويقرب هذا من الهدي إذا عطب في السفر ، فإنه يذبح في الحال ، وإن كان يختص بموضع ، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية ، استوفي منه ما أمكن ، وترك مراعاة المحل الخاص عند تعذره ; لأن مراعاته مع تعذره تفضي إلى فوات الانتفاع بالكلية ، وهكذا الوقف المعطل المنافع 
ولنا على  محمد بن الحسن  ، أنه إزالة ملك على وجه القربة ، فلا يعود إلى مالكه باختلاله ، وذهاب منافعه كالعتق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					