( 4424 ) مسألة قال :   ( وما لا ينتفع به إلا بالإتلاف ، مثل الذهب والورق والمأكول والمشروب ، فوقفه غير جائز )  وجملته أن ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه ، كالدنانير والدراهم ، والمطعوم والمشروب ، والشمع ، وأشباهه ، لا يصح وقفه ، في قول عامة الفقهاء وأهل العلم ، إلا شيئا يحكى عن  مالك  ، والأوزاعي  ، في وقف الطعام ، أنه يجوز . ولم يحكه أصحاب  مالك  
وليس بصحيح ; لأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، وما لا ينتفع به إلا بالإتلاف لا يصح فيه ذلك . وقيل في الدراهم والدنانير : يصح وقفها ، على قول من أجاز إجارتهما . ولا يصح ; لأن تلك المنفعة ليست المقصود الذي خلقت له الأثمان ، ولهذا لا تضمن في الغصب ، فلم يجز الوقف له ، كوقف الشجر على نشر الثياب والغنم على دوس الطين ، والشمع ليتجمل به . 
( 4425 ) فصل : والمراد بالذهب والفضة هاهنا الدراهم والدنانير ، وما ليس بحلي ; لأن ذلك هو الذي يتلف بالانتفاع به 
أما الحلي ، فيصح وقفه للبس والعارية    ; لما روى  نافع  ، قال : ابتاعت حفصة  حليا بعشرين ألفا ، فحبسته على نساء آل الخطاب  ، فكانت لا تخرج زكاته . رواه  الخلال  بإسناده . 
ولأنه عين  [ ص: 374 ] يمكن الانتفاع بها ، مع بقائها دائما ، فصح وقفها ، كالعقار ، ولأنه يصح تحبيس أصلها وتسبيل الثمرة ، فصح وقفها ، كالعقار 
وبهذا قال  الشافعي    . وقد روي عن  أحمد  ، أنه لا يصح وقفها . وأنكر الحديث عن حفصة  في وقفه . وذكره ابن أبي موسى  ، إلا أن  القاضي  تأوله على أنه لا يصح الحديث فيه . ووجه هذه الرواية أن التحلي ليس هو المقصود الأصلي من الأثمان ، فلم يصح وقفها عليه ، كما لو وقف الدنانير والدراهم . والأول هو المذهب ; لما ذكرناه والتحلي من المقاصد المهمة ، والعادة جارية به ، وقد اعتبره الشرع في إسقاط الزكاة عن متخذه ، وجوز إجارته لذلك 
ويفارق الدراهم والدنانير ، فإن العادة لم تجر بالتحلي به ، ولا اعتبره الشرع في إسقاط زكاته ، ولا ضمان منفعته في الغصب ، بخلاف مسألتنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					