( 5205 ) مسألة ; قال : ( وإذا زوج ابنته الثيب بغير إذنها ،  فالنكاح باطل ، وإن رضيت بعد ) وجملة ذلك أن الثيب تنقسم قسمين ; كبيرة ، وصغيرة ، فأما الكبيرة ، فلا يجوز للأب ولا لغيره تزويجها إلا بإذنها ، في قول عامة أهل العلم ، إلا الحسن  قال : له تزويجها وإن كرهت .  والنخعي  قال : يزوج بنته إذا كانت في عياله ، فإن كانت بائنة في بيتها مع عيالها استأمرها . قال  إسماعيل بن إسحاق    : لا أعلم أحدا قال في البنت . بقول الحسن  ، وهو قول شاذ ، خالف فيه أهل العلم والسنة الثابتة ، فإن الخنساء ابنة خذام الأنصارية  ، روت أن أباها زوجها وهي ثيب ، فكرهت ذلك ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه 
رواه  البخاري  ، والأئمة كلهم . وقال  ابن عبد البر    : هذا  [ ص: 34 ] الحديث مجمع على صحته ، والقول به ، لا نعلم مخالفا له إلا الحسن  ، وكانت الخنساء  من أهل قباء ،  وكانت تحت أنيس بن قتادة  ، فقتل عنها يوم أحد ، فزوجها أبوها رجلا من بني عمرو بن عوف  ، فكرهته ، وشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها ، ونكحت أبا لبابة بن عبد المنذر    . وروى  أبو هريرة  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تنكح الأيم حتى تستأمر   } . متفق عليه . وقال : { الأيم أحق بنفسها من وليها   } . وروى  ابن عباس  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليس للولي مع الثيب أمر   } رواهما  النسائي  وأبو داود    . 
ولأنها رشيدة عالمة بالمقصود من النكاح مختبرة ، فلم يجز إجبارها عليه ، كالرجل . القسم الثاني ، الثيب الصغيرة ، وفي تزويجها وجهان ; أحدهما ، لا يجوز تزويجها ، وهو ظاهر قول  الخرقي    . واختاره ابن حامد  ،  وابن بطة  ،  والقاضي  ، ومذهب  الشافعي    ; لعموم الأخبار ، ولأن الإجبار يختلف بالبكارة والثيوبة ، لا بالصغر والكبر ، وهذه ثيب ، ولأن في تأخيرها فائدة ، وهو أن تبلغ فتختار لنفسها ويعتبر إذنها ، فوجب التأخير ، بخلاف البكر . الوجه الثاني ، أن لأبيها تزويجها ، ولا يستأمرها . اختاره أبو بكر  وعبد العزيز  وهو قول  مالك  ،  وأبي حنيفة    ; لأنها صغيرة ، فجاز إجبارها كالبكر والغلام 
يحقق ذلك أنها لا تزيد بالثيوبة على ما حصل للغلام بالذكورية ، ثم الغلام يجبر إن كان صغيرا فكذا هذه ، والأخبار محمولة على الكبيرة ، فإنه جعلها أحق بنفسها من وليها ، والصغيرة لا حق لها . ويتخرج وجه ثالث ، وهو أن ابنة تسع سنين يزوجها وليها بإذنها ، ومن دون ذلك ، على ما ذكرنا من الخلاف ; لما ذكرنا في البكر . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					