( 5206 ) مسألة ; قال :   ( وإذن الثيب الكلام ، وإذن البكر الصمات )    . أما الثيب ، فلا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن إذنها الكلام ; للخبر ، ولأن اللسان هو المعبر عما في القلب ، وهو المعتبر في كل موضع يعتبر فيه الإذن ، غير أشياء يسيرة أقيم فيها الصمت مقامه لعارض . وأما البكر فإذنها صماتها ، في قول عامة أهل العلم ، منهم ;  شريح  ، والشعبي  ، وإسحاق  ،  والنخعي  ،  والثوري  ، والأوزاعي  ،  وابن شبرمة  ،  وأبو حنيفة    . ولا فرق بين كون الولي أبا أو غيره . وقال أصحاب  الشافعي    : في صمتها في حق غير الأب وجهان ; أحدهما ، لا يكون إذنا ; لأن الصمات عدم الإذن ، فلا يكون إذنا ، ولأنه محتمل الرضا والحياء وغيرهما ، فلا يكون إذنا ، كما في حق الثيب ، وإنما اكتفي به في حق الأب ، لأن رضاءها غير معتبر 
وهذا شذوذ عن أهل العلم ، وترك للسنة الصحيحة الصريحة ، يصان  الشافعي  عن إضافته إليه ، وجعله مذهبا له ، مع كونه من أتبع الناس لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرج منصف على هذا القول ، وقد تقدمت روايتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن . فقالوا : يا رسول الله ، فكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت   } . وفي رواية عن  عائشة  ، أنها قالت : { يا رسول الله ، إن البكر تستحيي . قال : رضاها صماتها   } . متفق عليه 
وفي  [ ص: 35 ] رواية : { واليتيمة تستأمر ، فصمتها إقرارها   } . رواه  النسائي    . وفي رواية : { تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فهو إذنها   } . وهذا صريح في غير ذات الأب . وروى  الأثرم  ، عن عدي الكندي  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الثيب تعرب عن نفسها ، والبكر رضاها صمتها   } . والأخبار في هذا كثيرة . ولأن الحياء عقلة على لسانها ، يمنعها النطق بالإذن ، ولا تستحيي من إبائها وامتناعها ، فإذا سكتت غلب على الظن أنه لرضاها ، فاكتفي به 
وما ذكروه يفضي إلى أن لا يكون صماتها إذنا في حق الأب أيضا ; لأنهم جعلوا وجوده كعدمه ، فيكون إذا ردا على النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية ، واطراحا للأخبار الصريحة الجلية ، وخرقا لإجماع الأمة المرضية . 
( 5207 ) فصل : فإن نطقت بالإذن ، فهو أبلغ وأتم في الإذن من صمتها ، وإن بكت أو ضحكت ، فهو بمنزلة سكوتها . وقال  أبو يوسف   ومحمد    : إن بكت فليس بإذن ; لأنه يدل على الكراهية ، وليس بصمت ، فيدخل في عموم الحديث . ولنا ، ما روى أبو بكر  بإسناده ، عن  أبي هريرة  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تستأمر اليتيمة ، فإن بكت أو سكتت فهو رضاها ، وإن أبت فلا جواز عليها   } 
ولأنها غير ناطقة بالامتناع مع سماعها للاستئذان ، فكان إذنا منها كالصمات أو الضحك . والبكاء يدل على فرط الحياء ، لا على الكراهة ، ولو كرهت لامتنعت ، فإنها لا تستحي من الامتناع ، والحديث يدل بصريحه على أن الصمت إذن ، وبمعناه على ما في معناه من الضحك والبكاء ، وكذلك أقمنا الضحك مقامه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					