( 553 ) فصل : واختلفت الرواية ، هل الأذان أفضل من الإمامة ، أو لا ؟  فروي أن الإمامة أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم تولاها بنفسه ، وكذلك خلفاؤه ، ولم يتولوا الأذان ، ولا يختارون إلا الأفضل ، ولأن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالا وأفضل ، واعتبار فضيلته دليل على فضيلة منزلته . والثانية : الأذان أفضل . 
وهو مذهب  الشافعي    ; لما روينا من الأخبار في فضيلته ، ولما روى  أبو هريرة  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين   } . أخرجه أبو داود  ،  والنسائي  والأمانة أعلى من الضمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد ، ولم يتوله النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ; لضيق وقتهم عنه ، ولهذا قال  عمر  ، رضي الله عنه : " لولا الخلافة لأذنت " . وهذا اختيار  القاضي  ، وابن أبي موسى  ، وجماعة من أصحابنا . والله أعلم . 
( 554 ) فصل : والأصل في الأذان  ، ما روى  محمد بن إسحاق  ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ،  عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه  ، قال : { حدثني أبي عبد الله بن زيد  ، قال : لما أمر  [ ص: 243 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به لجمع الناس للصلاة ، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده ، فقلت : يا عبد الله ، أتبيع الناقوس ؟ فقال : وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى ، فقال : تقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا  رسول الله ، أشهد أن محمدا  رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ، ثم قال : تقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا  رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت ، فقال : إنها رؤيا حق ، إن شاء الله ، فقم مع  بلال  ، فألق عليه ما رأيت ، فليؤذن به ، فإنه أندى صوتا منك ، فقمت مع  بلال  ، فجعلت ألقيه عليه ، ويؤذن به ، فسمع ذلك  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه وهو في بيته ، فخرج يجر رداءه ، فقال يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد .   } رواه  الأثرم  ، وأبو داود ،  وذكر الترمذي  آخره بهذا الإسناد ، وقال : هو حديث حسن صحيح . وأجمعت الأمة على أن الأذان مشروع للصلوات الخمس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					