( 5815 ) مسألة ; قال : ( وطلاق السنة أن يطلقها طاهرا من غير جماع واحدة ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ) معنى طلاق السنة  الطلاق الذي وافق أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم في الآية والخبرين المذكورين ، وهو الطلاق في طهر لم يصبها فيه ، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها ولا خلاف في أنه إذا طلقها في طهر لم يصبها فيه ، ثم تركها حتى تنقضي عدتها ، أنه مصيب للسنة ، مطلق للعدة التي أمر الله بها . قاله  ابن عبد البر  ،  وابن المنذر  وقال  ابن مسعود    : طلاق السنة أن يطلقها من غير جماع . وقال في قوله تعالى {    : فطلقوهن لعدتهن    } . وقال : طاهرا من غير جماع . ونحوه عن  ابن عباس  وفي حديث  ابن عمر  الذي رويناه {   : ليتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء   } . فأما قوله : ثم يدعها حتى تنقضي عدتها . فمعناه أنه لا يتبعها طلاقا آخر قبل قضاء عدتها ، ولو طلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار ، كان حكم ذلك حكم جمع الثلاث في طهر واحد . قال  أحمد    : طلاق السنة واحدة ، ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض . وكذلك قال  مالك  والأوزاعي  ،  والشافعي   وأبو عبيد  وقال  أبو حنيفة  ،  والثوري    : السنة أن يطلقها ثلاثا ، في كل قرء طلقة . وهو قول سائر ، الكوفيين  واحتجوا بحديث  ابن عمر  ، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم { راجعها ، ثم أمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر .   } قالوا : وإنما أمره بإمساكها في هذا الطهر ; لأنه لم يفصل بينه وبين الطلاق طهر كامل ، فإذا مضى ومضت الحيضة التي بعده ، أمره بطلاقها ، وقوله في حديثه الآخر : " والسنة أن يستقبل الطهر ، فيطلق لكل قرء " . 
وروى  النسائي  بإسناده عن  عبد الله  ، قال : طلاق السنة أن يطلقها تطليقة ، وهي طاهر ، في غير جماع ، فإذا حاضت وطهرت ، طلقها أخرى ، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة . ولنا ، ما روي عن  علي  رضي الله عنه أنه قال : لا يطلق أحد للسنة فيندم . رواه  الأثرم .  وهذا إنما يحصل في حق من لم يطلق ثلاثا . وقال  ابن سيرين    : أن  عليا  كرم الله وجهه قال : لو أن الناس أخذوا بما أمر الله من  [ ص: 279 ] الطلاق ، ما يتبع رجل نفسه امرأة أبدا ، يطلقها تطليقة ، ثم يدعها ما بينها وبين أن تحيض ثلاثة ، فمتى شاء راجعها . رواه النجاد  بإسناده . 
وروى  ابن عبد البر  ، بإسناده عن  ابن مسعود  أنه قال : طلاق السنة أن يطلقها وهي طاهر ، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ، أو يراجعها إن شاء . فأما حديث  ابن عمر  الأول ، فلا حجة فيه ; لأنه ليس فيه جمع الثلاث ، وأما حديثه الآخر ، فيحتمل أن يكون ذلك بعد ارتجاعها ، ومتى ارتجع بعد الطلقة ثم طلقها ، كان للسنة على كل حال ، حتى قد قال  أبو حنيفة    : لو أمسكها بيده لشهوة ، ثم والى بين الثلاث ، كان مصيبا للسنة ; لأنه يكون مرتجعا لها . 
والمعنى فيه أنه إذا ارتجعها ، سقط حكم الطلقة الأولى ، فصارت كأنها لم توجد ، ولا غنى به عن الطلقة الأخرى إذا احتاج إلى فراق امرأته ، بخلاف ما إذا لم يرتجعها ; فإنه مستغن عنها ، لإفضائها إلى مقصوده من إبانتها ، فافترقا ، ولأن ما ذكروه إرداف طلاق من غير ارتجاع ، فلم يكن للسنة ، كجمع الثلاث في طهر واحد ، وتحريم المرأة لا يزول إلا بزوج وإصابة من غير حاجة ، فلم يكن للسنة ، كجمع الثلاث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					