( 605 ) مسألة : قال ( وسواء كان مطلوبا أو طالبا يخشى فوات العدو ، وعن  أبي عبد الله  ، رحمه الله رواية أخرى : أنه إن كان طالبا ، فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن ) اختلفت الرواية عن  أبي عبد الله  رحمه الله ، في طالب العدو الذي يخاف فواته ، فروي أنه يصلي على حسب حاله ، كالمطلوب سواء ، روي ذلك عن شرحبيل بن حسنة    . وهو قول الأوزاعي    . وعن  أحمد  أنه لا يصلي إلا صلاة آمن . وهو قول أكثر أهل العلم ; لأن الله تعالى قال : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا    } . فشرط الخوف ، وهذا غير خائف . ولأنه آمن فلزمته صلاة الآمن ، كما لو لم يخش فوتهم . وهذا الخلاف فيمن يأمن رجوعهم عليه إن تشاغل بالصلاة ، ويأمن على أصحابه ، فأما الخائف من ذلك فحكمه حكم المطلوب . 
ولنا ما روى أبو داود  ، في " سننه " بإسناده ، عن عبد الله بن أنيس  ، قال : { بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي  ، وكان نحو عرنة  أو عرفات  ، قال : اذهب فاقتله . فرأيته ، وحضرت صلاة العصر ، فقلت : إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة ، فانطلقت أمشي ، وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه ، فلما دنوت منه ، قال لي : من أنت ؟ قلت : رجل من العرب  ، بلغني أنك تجمع لهذا الرجل ، فجئتك لذلك ، قال : إني لعلى ذلك . فمشيت معه ساعة ، حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد   } . 
وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو كان قد علم جواز ذلك من قبله ، فإنه لا يظن به أنه يفعل مثل ذلك مخطئا ، وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخبره به ، ولا يسأله عن حكمه . وروى الأوزاعي  عن سابق البربري  ، عن كتاب الحسن    : أن الطالب ينزل فيصلي بالأرض . فقال الأوزاعي    : وجدنا الأمر على غير ذلك ، قال شرحبيل بن حسنة    : لا تصلوا الصبح إلا على ظهر . فنزل الأشتر  فصلى على الأرض ، فمر به شرحبيل  ، فقال ; مخالف ، خالف الله به . قال : فخرج الأشتر  في الفتنة . وكان الأوزاعي  يأخذ بهذا في طلب العدو ; ولأنها إحدى حالتي الحرب ، أشبهت حالة الهرب . والآية لا دلالة فيها على محل النزاع لأن مدلولها إباحة القصر . 
وقد أبيح القصر حالة الأمن بغير خلاف ، وهو أيضا غير محل النزاع ، ثم وإن دلت على محل النزاع ، فقد أبيحت صلاة الخوف  من غير خوف فتنة الكفار ، للخوف من سبع أو سيل أو حريق ، لوجود معنى المنطوق فيها ، وهذا في معناه ، لأن فوات الكفار ضرر عظيم ، فأبيحت صلاة الخوف عند فوته ، كالحالة الأخرى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					