( 620 ) فصل : إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة ، ثم أراد صلاة أخرى ، لزمه إعادة الاجتهاد  ، كالحاكم إذا اجتهد في حادثة ، ثم حدث مثلها ، لزمه إعادة الاجتهاد ، وهذا مذهب  الشافعي    . فإن تغير اجتهاده ، عمل بالثاني ، ولم يعد ما صلى بالأول ، كما لو تغير اجتهاد الحاكم عمل بالثاني في الحادثة الثانية ، ولم ينقض حكمه الأول . وهذا لا نعلم فيه خلافا . فإن تغير اجتهاده في الصلاة ، استدار إلى الجهة الثانية ، وبنى على ما مضى من صلاته . نص عليه  أحمد  ، في رواية الجماعة . وقال ابن أبي موسى  ، والآمدي    : لا ينتقل ، ويمضي على اجتهاده الأول ; لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد . 
ولنا أنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة ، فلم يجز له الصلاة إلى غيرها ، كما لو أراد صلاة أخرى ، ولأنه أداه اجتهاده إلى غير هذه الجهة ، فلم يجز له الصلاة إليها ، كسائر محال الوفاق ، وليس هذا نقضا للاجتهاد ، وإنما يعمل به في المستقبل ، كما في الصلاة الأخرى ، وإنما يكون نقضا للاجتهاد أن لو ألزمناه إعادة ما مضى من صلاته ، ولم نعتد  [ ص: 266 ] له به ، فإن لم يبق اجتهاده وظنه إلى الجهة الأولى ، ولم يؤده اجتهاده إلى الجهة الأخرى ، فإنه يبني على ما مضى من صلاته ; لأنه لم يظهر له جهة أخرى يتوجه إليها . وإن بان له يقين الخطأ في الصلاة ، بمشاهدة أو خبر عن يقين ، استدار إلى جهة الصواب ، وبنى كأهل قباء  لما أخبروا بتحويل القبلة استداروا إليها وبنوا . 
وإن شك في اجتهاده لم يزل عن جهته ; لأن الاجتهاد ظاهر ، فلا يزول عنه بالشك . وإن بان له الخطأ ، ولم يعرف جهة القبلة ، كرجل كان يصلي إلى جهة ، فرأى بعض منازل القمر في قبلته ، ولم يدر أهو في المشرق أو المغرب ، واحتاج إلى الاجتهاد  ، بطلت صلاته ; لأنه لا يمكنه استدامتها إلى غير القبلة ، وليست له جهة يتوجه إليها ، فبطلت ، لتعذر إتمامها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					