( 622 ) فصل : وإذا اختلف اجتهاد رجلين ، فصلى كل واحد منهما إلى جهة ، فليس لأحدهما الائتمام بصاحبه    . وهذا مذهب  الشافعي    ; لأن كل واحد يعتقد خطأ صاحبه ، فلم يجز أن يأتم به ، كما لو خرجت من أحدهما ريح ، واعتقد كل واحد منهما أنها من صاحبه ، فإن لكل واحد منهما أن يصلي ، وليس له أن يأتم بصاحبه . وقياس المذهب جواز ذلك . وهو مذهب  أبي ثور    ; لأن كل واحد منهما يعتقد صحة صلاة الآخر . 
فإن فرضه التوجه إلى ما توجه إليه ، فلم يمنع اقتداءه به اختلاف جهته ، كالمصلين حول الكعبة  مستديرين حولها ، وكالمصلين حال شدة الخوف ، وقد نص  أحمد  على صحة الصلاة خلف المصلي في جلود الثعالب ، إذا كان يتأول قوله عليه السلام : { أيما إهاب دبغ فقد طهر   } . مع كون  أحمد  لا يرى طهارتها ، وفارق ما إذا اعتقد كل واحد منهما حدث صاحبه ; لأنه يعتقد بطلان صلاته ، بحيث لو بان له يقينا حدث نفسه ، لزمته إعادة الصلاة ; وهاهنا صلاته صحيحة ظاهرا  [ ص: 267 ] وباطنا ، بحيث لو بان له يقين الخطأ ، لم يلزمه الإعادة ، فافترقا . 
فأما إن كان أحدهما يميل يمينا ، ويميل الآخر شمالا ، مع اتفاقهما في الجهة  ، فلا يختلف المذهب في أن لأحدهما الائتمام بصاحبه ; لأن الواجب استقبال الجهة ، وقد اتفقا فيها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					