( 703 ) مسألة : قال : ( ثم يقول : سمع الله لمن حمده . ويرفع يديه ، كرفعه الأول ) وجملة ذلك أنه إذا فرغ من الركوع  ورفع رأسه واعتدل قائما حتى يرجع كل عضو إلى موضعه ، ويطمئن ، يبتدئ الرفع قائلا : سمع الله لمن حمده . ويكون انتهاؤه عند انتهاء رفعه ، ويرفع يديه ; لما روينا من الأخبار . وفي موضع الرفع روايتان : إحداهما بعد اعتداله قائما . 
قال  أحمد بن الحسين    : رأيت  أبا عبد الله  إذا رفع رأسه من الركوع لا يرفع يديه حتى يستتم قائما . ووجهه أن في بعض ألفاظ حديث  ابن عمر    : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا افتتح الصلاة رفع يديه ، وإذا ركع ، وبعدما يرفع رأسه من الركوع   } . ولأنه رفع ، فلا يشرع في غير حالة القيام ، كرفع الركوع والإحرام . 
والثانية : يبتدئه حين يبتدئ رفع رأسه ; لأن أبا حميد  قال { في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم قال : سمع الله لمن حمده   } . ورفع يديه . وفي حديث  ابن عمر  المتفق عليه : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وإذا كبر ، للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ، ويقول : سمع الله لمن حمده   } وظاهره أنه رفع يديه حين أخذ في رفع رأسه . 
كقوله : ( إذا كبر ) أي أخذ في التكبير ، ولأنه حين الانتقال ، فشرع الرفع منه كحال الركوع ولأنه محل رفع المأموم ، فكان محلا لرفع الإمام كالركوع ، ولا تختلف الرواية  [ ص: 300 ] في أن المأموم يبتدئ الرفع عند رفع رأسه ، لأنه ليس في حقه ذكر بعد الاعتدال ، والرفع إنما جعل هيئة للذكر ، بخلاف الإمام ، ثم ينتصب قائما ويعتدل ، قال أبو حميد  في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : وإذا رفع رأسه استوى قائما ، حتى يعود كل فقار إلى مكانه   } متفق عليه . 
وقالت  عائشة  عن النبي صلى الله عليه وسلم : { كان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما   } . رواه  مسلم    . وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته { ثم ارفع حتى تعتدل قائما   } متفق عليه . 
( 704 ) فصل : وهذا الرفع والاعتدال عنه واجب ، وبه قال  الشافعي  ، وقال  أبو حنيفة  ، وبعض أصحاب  مالك    : لا يجب ; لأن الله تعالى لم يأمر به ، وإنما أمر بالركوع والسجود والقيام ، فلا يجب غيره ، ولأنه لو كان واجبا لتضمن ذكرا واجبا ، كالقيام الأول . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به المسيء في صلاته ، وداوم على فعله ، فيدخل في عموم قوله {   : صلوا كما رأيتموني أصلي .   } 
وقولهم : لم يأمر الله به . قلنا قد أمر بالقيام ، وهذا قيام ، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم يجب امتثاله ، وقد أمر به . وقولهم " لا يتضمن ذكرا واجبا " ممنوع ، ثم هو باطل بالركوع والسجود ، فإنهما ركنان ، ولا ذكر فيهما واجب ، على قولهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					