( 6761 ) مسألة : قال : ( وإذا اشترك الجماعة في القتل ، فأحب الأولياء أن يقتلوا الجميع ،  فلهم ذلك ، وإن أحبوا أن يقتلوا البعض ، ويعفوا عن البعض ، ويأخذوا الدية من الباقين ، فلهم ذلك ) أما قتلهم للجميع ، فقد ذكرناه فيما مضى ، وأما إن أحبوا قتل البعض فلهم ذلك ، لأن كل من لهم قتله فلهم العفو عنه ، كالمنفرد ، ولا يسقط القصاص عن البعض بعفو البعض ; لأنهما شخصان ، فلا يسقط القصاص عن أحدهما بإسقاطه عن الآخر ، كما لو قتل كل واحد رجلا . 
وأما إذا اختاروا أخذ الدية من القاتل ، أو من بعض القتلة ، فإن لهم هذا من غير رضى الجاني . وبهذا قال  سعيد بن المسيب  ،  وابن سيرين  ،  والشافعي  ،  وعطاء  ،  ومجاهد  وإسحاق  ،  وأبو ثور  ،  وابن المنذر    . وقال  النخعي   ومالك   وأبو حنيفة    : ليس للأولياء إلا القتل ، إلا أن يصطلحا على الدية برضى الجاني . وعن  مالك  رواية أخرى ، كقولنا ، واحتجوا بقوله تعالى : { كتب عليكم القصاص    } . والمكتوب لا يتخير فيه ، ولأنه متلف يجب به البدل ، فكان بدله معينا ، كسائر أبدال المتلفات . 
ولنا ، قول الله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان    } . قال  ابن عباس    : كان في بني إسرائيل  القصاص ، ولم يكن فيهم الدية ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : { كتب عليكم القصاص في القتلى    } . الآية ، { فمن عفي له من أخيه شيء    } . فالعفو أن تقبل في العمد الدية { فاتباع بالمعروف    } يتبع الطالب بالمعروف ، ويؤدي إليه المطلوب { بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة    } . مما كتب على من قبلكم . رواه  البخاري    . وروى  أبو هريرة  ، قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من { قتل له قتيل ، فهو بخير النظرين ، إما أن يودى ، وإما يقاد   } متفق عليه . 
وروى أبو شريح  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ثم أنتم يا خزاعة  ، قد قتلتم هذا القتيل ، وأنا والله عاقله ، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين ; إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا الدية   } رواه أبو داود  ، وغيره . ولأن القتل المضمون إذا سقط فيه القصاص من غير إبراء ، ثبت المال ، كما لو عفا بعض الورثة ، ويخالف سائر المتلفات ; لأن بدلها يجب من  [ ص: 285 ] جنسها ، وها هنا يجب في الخطأ وعمد الخطأ من غير الجنس ، فإذا رضي في العمد ببدل الخطأ ، كان له ذلك ; لأنه أسقط بعض حقه ، ولأن القاتل أمكنه إحياء نفسه ببذل الدية ، فلزمه وينتقض ما ذكروه بما إذا كان رأس الشاج أصغر ، أو يد القاطع أنقص ، فإنهم سلموا فيهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					