( 734 ) فصل : والمستحب أن يكون شروع المأموم في أفعال الصلاة ; من الرفع والوضع ، بعد فراغ الإمام  منه ، ويكره فعله معه في قول أكثر أهل العلم . واستحب  مالك  أن تكون أفعاله مع أفعال الإمام . ولنا ، ما روى  البراء  قال {   : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، لم نزل قياما حتى نراه قد وضع جبهته في الأرض ، ثم نتبعه   } . متفق عليه .  وللبخاري    : { لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ، ثم نقع سجودا بعده   } . 
وعن أبي موسى  ، قال {   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا ، فبين لنا سنتنا ، وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ، وليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا - إلى قوله - فإذا ركع فاركعوا ، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فتلك بتلك   } . رواه  مسلم  ، وفي لفظ : { فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت   } . 
وروى  أبو هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {   : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا . وإذا قال : سمع الله لمن حمده . فقولوا : ربنا ولك الحمد . وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون   } . متفق عليه . 
وقوله : " فإذا ركع فاركعوا " ، يقتضي أن يكون ركوعهم بعد ركوعه ; لأنه عقبه به بفاء التعقيب ، فيكون بعده ، كقولك : جاء زيد فعمرو . أي جاء بعده . وإن وافق إمامه في أفعال الصلاة ، فركع وسجد معه ، أساء ، وصحت صلاته . 
( 735 ) فصل : ولا يجوز أن يسبق إمامه ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ; ولا بالقيام ، ولا بالانصراف   } . رواه  مسلم    . وعن  أبي هريرة  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله صورته صورة حمار   } . متفق عليه . 
ولما روينا من الأخبار في الفصل الذي قبله ، ولأنه تابع له ، فلا ينبغي أن يسبقه ، كما في تكبيرة الإحرام . فإن سبق إمامه فعليه أن يرفع ليأتي بذلك مؤتما بإمامه ، وقد روي عن  عمر  ، أنه قال : إذا رفع أحدكم رأسه ، والإمام ساجد ، فليسجد ، وإذا رفع الإمام برأسه فليمكث قدر  [ ص: 310 ] ما رفع . فإن لم يفعل حتى لحقه الإمام سهوا أو جهلا ، فلا شيء عليه ; لأن هذا سبق يسير . 
وإن سبق إمامه عمدا عالما بتحريمه ، فقال  أحمد  في رسالته : ليس لمن سبق الإمام صلاة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم {   : أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار   } . ولو كانت له صلاة لرجا له الثواب ، ولم يخش عليه العقاب . وعن  ابن مسعود  ، أنه نظر إلى من سبق الإمام ، فقال : لا وحدك صليت ، ولا بإمامك اقتديت ، وعن  ابن عمر  نحو من ذلك ، قال : وأمره بالإعادة . لأنه لم يأت بالركن مؤتما بإمامه . فأشبه ما لو سبقه بتكبيرة الإحرام أو السلام . وقال ابن حامد    : في ذلك وجهان . قال  القاضي    : عندي أنه تصح صلاته ; لأنه اجتمع معه في الركن ، فصحت صلاته ، كما لو ركع معه ابتداء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					