( 738 ) مسألة : قال : ( ثم يرفع رأسه مكبرا ، ويقوم على صدور قدميه ، معتمدا على ركبتيه ) وجملته أنه إذا قضى سجدته الثانية نهض للقيام مكبرا ، والقيام ركن ، والتكبير واجب ، في إحدى الروايتين . واختلفت الرواية عن  أحمد    : هل يجلس للاستراحة ؟ فروي عنه : لا يجلس . 
وهو اختيار  الخرقي  ، وروي ذلك عن  عمر  ،  وعلي  ،  وابن مسعود  ،  وابن عمر  ،  وابن عباس  ، وبه يقول  مالك  ،  والثوري  ، وإسحاق  ، وأصحاب الرأي . وقال  أحمد    : أكثر الأحاديث على هذا . وذكر عن  عمر  ،  وعلي  ،  وعبد الله    . 
وقال النعمان بن أبي عياش    : أدركت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك . أي لا يجلس . 
قال الترمذي    : وعليه العمل عند أهل العلم . وقال  أبو الزناد    : تلك السنة . والرواية الثانية : أنه يجلس . اختارها  الخلال    . وهو أحد قولي  الشافعي    . قال  الخلال    : رجع  أبو عبد الله  إلى هذا . 
يعني ترك قوله بترك الجلوس ; لما روى مالك بن الحويرث    { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض   } . متفق عليه وذكره أيضا  أبو حميد  في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث حسن صحيح ، فيتعين العمل به ، والمصير إليه . وقيل : إن كان المصلي ضعيفا جلس للاستراحة ; لحاجته إلى الجلوس ، وإن كان قويا لم يجلس ; لغناه عنه ، وحمل جلوس النبي صلى الله عليه وسلم على أنه كان في آخر عمره ، عند كبره وضعفه ، وهذا فيه جمع بين الأخبار ، وتوسط بين القولين . 
فإذا قلنا : يجلس ; فيحتمل أنه يجلس مفترشا على صفة الجلوس بين السجدتين ، وهو مذهب  الشافعي    ; لقول  أبي حميد  في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم {   : ثم ثنى رجله ، وقعد ، واعتدل حتى يرجع كل عضو في موضعه ، ثم نهض   } . وهذا صريح في كيفية جلسة الاستراحة ،  فيتعين المصير إليه . وقال  الخلال    : روى عن  أحمد  من لا أحصيه كثرة ، أنه يجلس على أليتيه . قال  القاضي    : يجلس على قدميه وأليتيه ، مفضيا بهما إلى الأرض ; لأنه لو جلس مفترشا لم يأمن السهو ، فيشك هل جلس عن السجدة الأولى أو الثانية ؟ وبهذا يأمن ذلك . 
وقال أبو الحسن الآمدي    : لا يختلف أصحابنا أنه لا يلصق أليتيه بالأرض في جلسة الاستراحة ، بل يجلس معلقا عن الأرض . وعلى كلتي الروايتين ينهض إلى القيام على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه ، ولا يعتمد على يديه . قال  القاضي    : لا يختلف قوله ، أنه لا يعتمد على الأرض ، سواء قلنا : يجلس للاستراحة أو لا يجلس . وقال  مالك  ،  والشافعي    : السنة أن يعتمد على يديه في النهوض ; لأن مالك بن الحويرث  قال في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم { ، إنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعدا ، ثم اعتمد على الأرض   } . رواه  النسائي    . 
ولأن ذلك أعون للمصلي . ولنا ما روى  وائل بن حجر  ، قال {   : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه   } رواه  النسائي  ،  والأثرم ،  وفي لفظ {   : وإذا نهض نهض على ركبتيه ، واعتمد على فخذيه   } . 
وعن  ابن عمر  ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة   } . رواهما أبو داود  ، وقال  علي  كرم الله وجهه {   : إن من السنة في الصلاة المكتوبة ، إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين ، أن لا يعتمد بيديه على الأرض ، إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع   } . رواه  الأثرم    . وقال  أحمد    : بذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 312 ] وعن  أبي هريرة  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الصلاة ينهض على صدور قدميه   } . رواه الترمذي    . وقال : يرويه خالد بن إلياس    . قال  أحمد    : ترك الناس حديثه . ولأنه أشق فكان أفضل ، كالتجافي والافتراش . وحديث  مالك  محمول على أنه كان من النبي صلى الله عليه وسلم لمشقة القيام عليه لضعفه وكبره ، فإنه قال عليه السلام : { إني قد بدنت ، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود   } 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					