( 7022 ) الفصل الثالث : أن الأولياء إذا ادعوا القتل على من بينه وبين القتيل لوث  ، شرعت اليمين في حق المدعين أولا ، فيحلفون خمسين يمينا على المدعى عليه أنه قتله ، وثبت حقهم قبله ، فإن لم يحلفوا ، استحلف المدعى عليه خمسين يمينا ، وبرئ . وبهذا قال  يحيى بن سعيد  ،  وربيعة  ،  وأبو الزناد  ،  ومالك  ،  والشافعي    . وقال الحسن    : يستحلف المدعى عليهم أولا خمسين يمينا ، ويبرءون . 
فإن أبوا أن يحلفوا ، استحلف خمسون من المدعين ، أن حقنا قبلكم ، ثم يعطون الدية ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ولكن اليمين على المدعى عليه   } . رواه  مسلم    . وفي لفظ {   : البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه   } . رواه  الشافعي  ، في " مسنده " . وروى أبو داود  ، بإسناده عن  سليمان بن يسار  ، عن رجال من الأنصار    { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود  ، وبدأ بهم : يحلف منكم خمسون رجلا . فأبوا ، فقال للأنصار    : استحقوا قالوا : نحلف على الغيب يا رسول الله . فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليهود    } ; لأنه وجد بين أظهرهم ; ولأنها يمين في دعوى ، فوجبت في جانب المدعى عليه ابتداء كسائر الدعاوى . وقال الشعبي  ،  والنخعي  ،  والثوري  ، وأصحاب الرأي : يستحلف خمسون رجلا من أهل المحلة التي وجد فيها القتيل ، بالله ما قتلناه ، ولا علمنا قاتلا ، ويغرمون الدية ; لقضاء  عمر  ، بذلك . ولم نعرف له في الصحابة مخالفا ، فكان إجماعا . 
وتكلموا في حديث سهل  بما روى أبو داود  ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي  ، عن عبد الرحمن بن بجيد بن قبطي  ، أحد بني حارثة    ; قال محمد بن إبراهيم     : وايم الله ، ما كان سهل  بأعلم منه ، ولكنه كان أسن منه ، قال : والله ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { احلفوا على ما لا علم لكم به ، ولكنه كتب إلى يهود حين كلمته الأنصار    : إنه وجد بين أبياتكم  [ ص: 390 ] قتيل فدوه . فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلا ، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده   } . 
. ولنا حديث سهل  ، وهو صحيح متفق عليه ، ورواه  مالك  ، في " موطئه " ، وعمل به . وما عارضه من الحديث لا يصح لوجوه ; أحدها ، أنه نفي ، فلا يرد به قول المثبت . والثاني : أن سهلا  من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد القصة ، وعرفها ، حتى إنه قال : ركضتني ناقة من تلك الإبل والآخر يقول برأيه وظنه ، من غير أن يرويه عن أحد ، ولا حضر القصة . والثالث : أن حديثنا مخرج في الصحيحين ، متفق عليه ، وحديثهم بخلافه . الرابع ، أنهم لا يعملون بحديثهم ، ولا حديثنا ، فكيف يحتجون بما هو حجة عليهم فيما خالفوه فيه ، وحديث  سليمان بن يسار  ، عن رجال من الأنصار  ، ولم يذكر لهم صحبة ، فهو أدنى لهم من حديث محمد بن إبراهيم   ، وقد خالف الحديثين جميعا ، فكيف يجوز أن يعتمد عليه ، وحديث : { اليمين على المدعى عليه   } . لم ترد به هذه القصة ; لأنه يدل على أن الناس لا يعطون بدعواهم ، وها هنا قد أعطوا بدعواهم ، على أن حديثنا أخص منه ، فيجب تقديمه ، ثم هو حجة عليهم ; لكون المدعين أعطوا بمجرد دعواهم من غير بينة ولا يمين منهم ، وقد رواه  ابن عبد البر  ، بإسناده عن  عمرو بن شعيب  ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر ، إلا في القسامة   } وهذه الزيادة يتعين العمل بها ، لأن الزيادة من الثقة مقبولة ; ولأنها أيمان مكررة . فيبدأ فيها بأيمان المدعين ، كاللعان . إذا ثبت هذا ، فإن أيمان القسامة خمسون مرددة  ، على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، وأجمع عليه أهل العلم ، لا نعلم أحدا خالف فيه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					