( 7073 ) فصل : فأما غنيمة أموالهم ، وسبي ذريتهم ،  فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافا ، وقد ذكرنا حديث أبي أمامة  ،  وابن مسعود    ; ولأنهم معصومون ، وإنما أبيح من دمائهم وأموالهم ما حصل من ضرورة دفعهم وقتالهم ، وما عداه يبقى على أصل التحريم . وقد روي أن  عليا  رضي الله عنه يوم الجمل ، قال : من عرف شيئا من ماله مع أحد ، فليأخذه . وكان بعض أصحاب  علي  قد أخذ قدرا وهو يطبخ فيها ، فجاء صاحبها ليأخذها ، فسأله الذي يطبخ فيها إمهاله حتى ينضج الطبيخ ، فأبى ، وكبه ، وأخذها . 
وهذا من جملة ما نقم الخوارج  من  علي  ، فإنهم قالوا : إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن حلت له دماؤهم ، فقد حلت له أموالهم ، وإن حرمت عليه أموالهم ، فقد حرمت عليه دماؤهم . فقال لهم  ابن عباس    : أفتسبون أمكم ؟ يعني  عائشة  أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فإن قلتم : ليست أمكم . فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنها أمكم . واستحللتم سبيها ، فقد كفرتم . يعني بقوله إنكم إن جحدتم أنها أمكم ، فقد قال الله تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم    } . فإن لم تكن أما لهم ، لم يكونوا من  [ ص: 11 ] المؤمنين . ولأن قتال البغاة إنما هو لدفعهم وردهم إلى الحق ، لا لكفرهم ، فلا يستباح منهم إلا ما حصل ضرورة الدفع ; كالصائل ، وقاطع الطريق ، وبقي حكم المال والذرية على أصل العصمة . وما أخذ من كراعهم وسلاحهم ، لم يرد إليهم حال الحرب ; لئلا يقاتلونا به . 
وذكر  القاضي  ، أن  أحمد  أومأ إلى جواز الانتفاع به حال التحام الحرب ، ولا يجوز في غير قتالهم . وهذا قول  أبي حنيفة    ; لأن هذه الحال يجوز فيها إتلاف نفوسهم وحبس سلاحهم وكراعهم ; فجاز الانتفاع به ، كسلاح أهل الحرب . وقال  الشافعي    : لا يجوز ذلك إلا من ضرورة إليه ; لأنه مال مسلم ، فلم يجز الانتفاع به بغير إذنه ، كغيره من أموالهم . وقال  أبو الخطاب    : في هذه المسألة وجهان ، كالمذهبين . ومتى انقضت الحرب ، وجب رده إليهم ، كما ترد إليهم سائر أموالهم ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم {   : لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه .   } وروى أبو قيس  ، أن  عليا  رضي الله عنه نادى : من وجد ماله فليأخذه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					