( 7207 ) مسألة : قال : ( وإذا تحاكم إلينا أهل الذمة ، حكمنا عليهم بحكم الله تعالى علينا ) وجملة ذلك أنه إذا تحاكم إلينا أهل الذمة  ، أو استعدى بعضهم على بعض ، فالحاكم مخير بين إحضارهم والحكم بينهم ، وبين تركهم ، سواء كانوا من أهل دين واحد ، أو من أهل أديان . هذا المنصوص عن  أحمد    . وهو قول  النخعي  ، وأحد قولي  الشافعي    . وحكى  أبو الخطاب  ، عن  أحمد  ، رواية أخرى ، أنه يجب الحكم بينهم . وهذا القول الثاني  للشافعي  ، واختيار  المزني  ، لقول الله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله    } . ولأنه يلزمه دفع من قصد واحدا منهما بغير حق ، فلزمه الحكم بينهما ، كالمسلمين . 
ولنا قول الله تعالى : { فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم    } . فخيره بين الأمرين ، ولا خلاف في أن هذه الآية نزلت فيمن وادعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهود المدينة    ; ولأنهما كافران ، فلا يجب الحكم بينهما كالمعاهدين ، والآية التي احتجوا بها محمولة على من اختار الحكم بينهم ; لقوله تعالى : { وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط    } . جمعا بين الآيتين ، فإنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع . فإذا ثبت هذا ، فإنه إذا حكم بينهم ، لم يجز له الحكم إلا بحكم الإسلام ; للآيتين ; ولأنه لا يجوز له الحكم ، إلا بالقسط ، كما في حق المسلمين ، ومتى حكم بينهما ، ألزمهما حكمه ، ومن امتنع منهما ، أجبره على قبول حكمه ، وأخذه به ; لأنه إنما دخل في العهد بشرط التزام أحكام الإسلام . 
قال  أحمد    : لا يبحث عن أمرهم ، ولا يسأل عن أمرهم ، إلا أن يأتوا هم ، فإن ارتفعوا إلينا ، أقمنا عليهم الحد ، على ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أيضا : حكمنا يلزمهم ، وحكمنا جائز على جميع الملل ، ولا يدعوهما الحاكم ، فإن جاءوا ، حكمنا بحكمنا . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا رفع إلى الحاكم من أهل الذمة من فعل محرما ، يوجب عقوبة ، مما هو محرم عليهم في دينهم ، كالزنا ، والسرقة ، والقذف ، والقتل ، فعليه إقامة حده عليه ; فإن كان زنى جلد إن كان بكرا وغرب عاما ، وإن كان محصنا رجم . 
لما روى  ابن عمر  ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهوديين ، فجرا بعد إحصانهما ، فأمر بهما فرجما .   } وعن  ابن عمر  ، { أن اليهود  جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له : إن رجلا منهم وامرأة زنيا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ . فقالوا : نفضحهم ويجلدون . قال  عبد الله بن سلام    : كذبتم إن فيها الرجم .  [ ص: 76 ] فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال  عبد الله بن سلام    : ارفع يدك . فرفع يده ، فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا : صدق يا محمد ، فيها آية الرجم . فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما .   } متفق عليه . 
وروى  أنس  ، { أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر ، فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حجرين .   } متفق عليه . وإن كان يعتقد إباحته ، كشرب الخمر ، لم يحد ; لأنه لا يعتقد تحريمه ، فلم يلزمه عقوبته ، كالكفر . وإن تظاهر به ، عزر ; لأنه أظهر منكرا في دار الإسلام ، فعزر عليه ، كالمسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					