( 7367 ) مسألة : قال : ( والخمرة إذا أفسدت ، فصيرت خلا  ، لم تزل عن تحريمها ، وإن قلب الله عينها فصارت خلا ، فهي حلال ) روي هذا عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه وبه قال الزهري  ونحوه قول  مالك    . 
وقال  الشافعي    : إن ألقي فيها شيء يفسدها كالملح ، فتخللت ، فهي على تحريمها ، وإن نقلت من شمس إلى ظل ، أو من ظل إلى شمس فتخللت ، ففي إباحتها قولان . وقال  أبو حنيفة    : تطهر في الحالين ; لأن علة تحريمها زالت بتخليلها فطهرت ، كما لو تخللت بنفسها ، يحققه أن التطهير لا فرق فيه بين ما حصل بفعل الله تعالى وفعل الآدمي ، كتطهير الثوب والبدن والأرض . ونحو هذا قول  عطاء  ، وعمرو بن دينار  ، والحارث العكلي    . وذكره  أبو الخطاب  وجها في مذهبنا ، فقال : وإن خللت لم تطهر . وقيل : تطهر . 
ولنا ما روى  أبو سعيد  ، قال {   : كان عندنا خمر ليتيم ، فلما نزلت المائدة ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، إنه ليتيم ؟ قال : أهريقوه   } رواه الترمذي  وقال حديث حسن . وعن  أنس  قال : { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتخذ الخمر خلا ؟ قال : لا   } قال الترمذي    : هذا حديث حسن صحيح . ورواه  مسلم    .  [ ص: 146 ] وعن  أبي طلحة  ، { أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا ؟ فقال : أهرقها قال : أفلا أخللها ؟ قال : لا   } رواه أبو داود    . وهذا نهي يقتضي التحريم ، ولو كان إلى استصلاحها سبيل ، لم تجز إراقتها ، بل أرشدهم إليه ، سيما وهي لأيتام يحرم التفريط في أموالهم ; ولأنه إجماع الصحابة ، فروي 
أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر ، فقال : لا يحل خل خمر أفسدت ، حتى يكون الله تعالى هو تولى إفسادها . ولا بأس على مسلم ابتاع من أهل الكتاب خلا ، ما لم يتعمد لإفسادها ، فعند ذلك يقع النهي . رواه أبو عبيد  في " الأموال " بنحو من هذا المعنى . وهذا قول يشتهر ; لأنه خطب به الناس على المنبر ، فلم ينكر . فأما إذا انقلبت بنفسها ، فإنها تطهر وتحل ، في قول جميعهم فقد روي عن جماعة من الأوائل ، أنهم اصطبغوا بخل خمر ; منهم  علي  ،  وأبو الدرداء  ،  وابن عمر  ، وعائشة    . ورخص فيه الحسن  ،  وسعيد بن جبير  وليس في شيء من أخبارهم أنهم اتخذوه خلا ، ولا أنه انقلب بنفسه ، لكن قد بينه  عمر  بقوله : لا يحل خل خمر أفسدت ، حتى يكون الله هو يتولى إفسادها . ولأنها إذا انقلبت بنفسها ، فقد زالت علة تحريمها ، من غير علة خلفتها ، فطهرت ، كالماء إذا زال تغيره بمكثه . 
وإذا ألقي فيها شيء تنجس بها ، ثم إذا انقلبت ، بقي ما ألقي فيها نجسا ، فنجسها وحرمها . فأما إن نقلها من موضع إلى آخر ، فتخللت من غير أن يلقي فيها شيئا ، فإن لم يكن قصد تخليلها ، حلت بذلك ; لأنها تخللت بفعل الله تعالى فيها . وإن قصد بذلك تخليلها ، احتمل أن تطهر ; لأنه لا فرق بينهما إلا القصد ، فلا يقتضي تحريمها ويحتمل أن لا تطهر ; لأنها خللت ، فلم تطهر ، كما لو ألقي فيها شيء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					