( 8242 ) فصل : وحكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته ،  في قول جمهور العلماء ; منهم  مالك  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ،  وأحمد  وإسحاق  ،  وأبو ثور  ،  وداود  ،  ومحمد بن الحسن  وقال  أبو حنيفة    : إذا حكم الحاكم بعقد أو فسخ أو طلاق ، نفذ حكمه ظاهرا وباطنا ، فلو أن رجلين تعمدا الشهادة على رجل أنه طلق امرأته ، فقبلهما القاضي بظاهر عدالتهما ، ففرق بين الزوجين ، لجاز لأحد الشاهدين نكاحها بعد قضاء عدتها ، وهو عالم بتعمده الكذب ، ولو أن رجلا ادعى نكاح امرأة ، وهو يعلم أنه كاذب ، وأقام شاهدي زور ، فحكم الحاكم ، حلت له بذلك ، وصارت زوجته قال  ابن المنذر    : وتفرد  أبو حنيفة  ، فقال : لو استأجرت امرأة شاهدين ، شهدا لها بطلاق زوجها ، وهما يعلمان كذبهما وتزويرهما ، فحكم الحاكم بطلاقها ، لحل لها أن تتزوج ، وحل لأحد الشاهدين نكاحها . واحتج بما روي عن  علي  رضي الله عنه أن رجلا ادعى على امرأة نكاحها . فرفعها إلى  علي  رضي الله عنه فشهد له شاهدان بذلك ، فقضى بينهما بالزوجية ، فقالت : والله ما تزوجني يا أمير المؤمنين ، اعقد بيننا عقدا حتى أحل له . فقال : شاهداك زوجاك . 
فدل على أن النكاح ثبت بحكمه . ولأن اللعان ينفسخ به النكاح وإن كان أحدهما كاذبا ، فالحكم أولى . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم {   : إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض ، فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذ منه شيئا ، فإنما أقطع له قطعة من النار   } . متفق عليه 
وهذا يدخل فيه ما إذا ادعى أنه اشترى منه شيئا ، فحكم له ، ولأنه حكم بشهادة زور ، فلا يحل له ما كان محرما عليه ، كالمال المطلق . 
وأما الخبر عن  علي  إن صح ، فلا حجة لهم فيه ; لأنه أضاف التزويج إلى الشاهدين ، لا إلى حكمه ، ولم يجبها إلى التزويج ; لأن فيه طعنا على الشهود . فأما اللعان ، فإنما حصلت الفرقة به ، لا بصدق الزوج ، ولهذا لو قامت البينة به ، لم ينفسخ النكاح . 
إذا ثبت هذا ، فإذا شهد على امرأة بنكاح ، وحكم به الحاكم ، ولم تكن زوجته ، فإنها لا تحل له ، ويلزمها في الظاهر ، وعليها أن تمتنع ما أمكنها ، فإن أكرهها عليه ، فالإثم عليه دونها ، وإن وطئها الرجل ، فقال أصحابنا ، وبعض الشافعية : عليه الحد ; لأنه وطئها وهو يعلم أنها أجنبية . وقيل : لا حد عليه ; لأنه وطء مختلف في حله ، فيكون ذلك شبهة وليس لها أن تتزوج غيره . 
وقال أصحاب  الشافعي    : تحل لزوج ثان ، غير أنها ممنوعة منه في الحكم . وقال القاضي : يصح النكاح . 
 [ ص: 106 ] ولنا ، أن هذا يقضي إلى الجمع بين الوطء للمرأة من اثنين ، أحدهما يطؤها بحكم الظاهر ، والآخر ، بحكم الباطن . وهذا فساد ، فلا يشرع ، ولأنها منكوحة لهذا الذي قامت له البينة ، في قول بعض الأئمة ، فلم يجز تزويجها لغيره ، كالمتزوجة بغير ولي . 
وحكى  أبو الخطاب  ، عن  أحمد  ، رواية أخرى ، مثل مذهب  أبي حنيفة  ، في أن حكم الحاكم يزيل الفسوخ والعقود . والأول هو المذهب . 
				
						
						
