( 8324 ) فصل : وإذا طلب أحد الشريكين من الآخر المهايأة من غير قسمة  ، إما في الأجزاء بأن يجعل لأحدهما بعض الدار يسكنها ، أو بعض الحقل يزرعه ، ويسكن الآخر ، ويزرع في الباقي ، أو يسكن أحدهما ، ويزرع سنة ، ويسكن الآخر ، ويزرع سنة أخرى ، لم يجبر الممتنع منهما . وبهذا قال  الشافعي    . وقال  أبو حنيفة  ،  ومالك    : يجبر ; لأن في الامتناع منه ضررا ، فينتفي بقوله  [ ص: 152 ] عليه السلام : { لا ضرر ولا ضرار   } . ووافقنا  أبو حنيفة  في العبيد خاصة ، على أنه لا يجبر على المهايأة . ولنا ، أن المهايأة معاوضة ، فلا يجبر عليها كالبيع ، ولأن حق كل واحد في المنفعة عاجل ، فلا يجوز تأخيره بغير رضاه ، كالدين ، وكما في العبيد عند  أبي حنيفة  ، ويخالف قسمة الأصل ، فإنه إفراز النصيبين ، وتمييز أحد الحقين . 
إذا ثبت هذا ، فإنهما إذا اتفقا على المهايأة ، جاز ; لأن الحق لهما فجاز فيه ما تراضيا عليه ، كقسمة التراضي ، ولا يلزم ، بل متى رجع أحدهما عنها ، انتقضت المهايأة . ولو طلب أحدهما القسمة ، كان له ذلك ، وانتقضت المهايأة . ووافق  أبو حنيفة  وأصحابه في انتقاضها بطلب القسمة . وقال  مالك    : تلزم المهايأة ; لأنه يجبر عليها عنده ، فلزمت ، كقسمة الأصل . ولنا ، أنه بذل منافع ليأخذ منافع من غير إجارة ، فلم يلزم ، كما لو أعاره شيئا ليعيره شيئا آخر إذا احتاج إليه ، وفارق القسمة ، فإنها إفراز حق ، على ما ذكرناه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					