( 8402 ) مسألة ; قال : ( ومن شهد بشهادة قد كان شهد بها وهو غير عدل ، وردت عليه ، لم تقبل منه في حال عدالته ) وجملته أن الحاكم إذا شهد عنده فاسق ، فرد شهادته لفسقه ، ثم تاب وأصلح ، وأعاد تلك الشهادة  ، لم يكن له أن يقبلها . وبهذا قال  الشافعي  ، وأصحاب الرأي . وقال  أبو ثور  ،  والمزني  ،  وداود    : تقبل . قال  ابن المنذر    : والنظر يدل على هذا ; لأنها شهادة عدل ، فتقبل ، كما لو شهد وهو كافر فردت شهادته ، ثم شهد بها بعد إسلامه . 
ولنا ، أنه متهم في أدائها ; لأنه يعير بردها ، ولحقته غضاضة لكونها ردت بسبب نقص يتعير به ، وصلاح حاله بعد ذلك من فعله يزول به العار ، فتلحقه التهمة في أنه قصد إظهار العدالة ، وإعادة الشهادة لتقبل ، فيزول ما حصل بردها ; ولأن الفسق يخفى ، فيحتاج في معرفته إلى بحث واجتهاد ، فعند ذلك نقول : شهادة مردودة بالاجتهاد ، فلا تقبل بالاجتهاد ; لأن ذلك يؤدي إلى نقض الاجتهاد بالاجتهاد . وفارق ما إذا ردت شهادة كافر  [ ص: 195 ] لكفره ، أو صبي لصغره ، أو عبد لرقه ، ثم أسلم الكافر ، وبلغ الصبي ، وعتق العبد ، وأعادوا تلك الشهادة  ، فإنها لا ترد ; لأنها لم ترد أولا بالاجتهاد ، وإنما ردت باليقين ، ولأن البلوغ والحرية ليسا من فعل الشاهد ، فيتهم في أنه فعلهما لتقبل شهادته ، والكافر لا يرى كفره عارا ، ولا يترك دينه من أجل شهادة ردت عليه . 
وقد روي عن  النخعي  ، والزهري  ،  وقتادة  ،  وأبي الزناد  ،  ومالك  ، أنها ترد أيضا في حق من أسلم وبلغ ، وعن  أحمد  ، رواية أخرى كذلك ; لأنها شهادة مردودة ، فلم تقبل ، كشهادة من كان فاسقا . وقد ذكرنا ما يقتضي فرقا بينهما فيفرقان . وروي عن  أحمد  ، في العبد إذا ردت شهادته لرقه ، ثم عتق ، وادعى تلك الشهادة  ، روايتان . وقد ذكرنا أن الأولى أن شهادته تقبل ; لأن العتق من غير فعله ، وهو أمر يظهر ، بخلاف الفسق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					