[ ص: 373 ] باب سجدتي السهو 
قال الإمام  أحمد    : يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أشياء ; سلم من اثنتين فسجد ، وسلم من ثلاث فسجد وفي الزيادة والنقصان ، وقام من اثنتين ولم يتشهد . وقال  الخطابي    : المعتمد عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة يعني حديثي  ابن مسعود  ،  وأبي سعيد  ،  وأبي هريرة  ، وابن بحينة    ( 892 ) مسألة : قال  أبو القاسم    : ومن سلم ، وقد بقي عليه شيء من صلاته ، أتى بما بقي عليه من صلاته ، وسلم ، ثم سجد سجدتي السهو ثم تشهد وسلم . 
كما روى  أبو هريرة  ،  وعمران بن حصين  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك وجملة ذلك ، أن من سلم قبل إتمام صلاته ساهيا  ثم علم قبل طول الفصل ونقض وضوئه ، فعليه أن يأتي بما بقي ، ثم يتشهد ويسلم ، ثم يسجد سجدتي السهو ويتشهد ويسلم . 
وإن لم يذكر حتى قام ، فعليه أن يجلس لينهض إلى الإتيان بما بقي عن جلوس ; فإن هذا القيام واجب للصلاة ، ولم يأت به قاصدا لها ، فكان عليه الإتيان به مع النية . ولا نعلم في جواز إتمام الصلاة في حق من نسي ركعة فما زاد اختلافا والأصل في ذلك ما روى  ابن سيرين  ، عن  أبي هريرة  ، قال : { صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي - قال  ابن سيرين    : سماها لنا  أبو هريرة  ، ولكن أنا نسيت - فصلى ركعتين ، ثم سلم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد ، فوضع يده عليها كأنه غضبان فشبك أصابعه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من المسجد ، فقالوا : أقصرت الصلاة ، وفي القوم أبو بكر  ،  وعمر  فهاباه أن يكلماه وفي القوم رجل في يديه طول ، يقال له : ذو اليدين  فقال : يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال لم أنس ، ولم تقصر ، فقال : أكما يقول ذو اليدين  ؟ قالوا : نعم . قال : فتقدم ، فصلى ما ترك من صلاته ، ثم سلم ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر ، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر . قال فربما سألوه : ثم سلم   } ؟ قال : فنبئت أن  عمران بن حصين  قال : ثم سلم . متفق عليه ورواه أبو داود  وزاد قال : قلت فالتشهد ؟ قال : لم أسمع في التشهد ، وأحب إلي أن يتشهد وروى  مسلم  ، بإسناده عن أبي المهلب  ، عن  عمران بن الحصين  ، قال { سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ، ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين ، فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله ؟ فخرج مغضبا فصلى الركعة التي كان ترك ، ثم سلم ، ثم سجد سجدتي السهو ، ثم سلم   } وروى  ابن عمر  ،  وابن عباس  رضي الله عنهم وذو اليدين  مثل حديث  أبي هريرة  ، ( 893 ) فصل : فإن طال الفصل ، أو انتقض وضوءه استأنف الصلاة . وكذلك قال  الشافعي  إن ذكر  [ ص: 374 ] قريبا مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين  ، ونحوه قال  مالك    . 
وقال  يحيى الأنصاري  ،  والليث  ، والأوزاعي    : يبني ، ما لم ينقض وضوءه ولنا ، أنها صلاة واحدة ، فلم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل ، كما لو انتقض وضوءه . ويرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة من غير تقدير بمدة وهو مذهب  الشافعي  في أحد الوجوه وعنه يعتبر قدر ركعة . وقال بعضهم : يعتبر بقدر مضي الصلاة التي نسي فيها . والصحيح لا حد له ; لأنه لم يرد الشرع بتحديده ، فيرجع فيه إلى العادة والمقاربة لمثل حال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذي اليدين    ( 894 ) فصل : فإن لم يذكر حتى شرع في صلاة أخرى نظرت فإن كان ما عمل في الثانية قليلا ، ولم يطل الفصل ، عاد إلى الأولى فأتمها . وإن طال بطلت الأولى . 
وهذا مذهب  الشافعي  ، وقال الشيخ أبو الفرج  في المبهج : يجعل ما شرع فيه من الصلاة الثانية تماما للأولى ، فيبني إحداهما على الأخرى ويكون وجود السلام كعدمه ; لأنه سهو معذور فيه ، وسواء كان ما شرع فيه نفلا أو فرضا وقال الحسن  ،  وحماد بن أبي سليمان  فيمن سلم قبل إتمام المكتوبة وشرع في تطوع  يبطل المكتوبة قال  مالك    : أحب إلي أن يبتدئها ونص عليه  أحمد  فقال ، في رواية أبي الحارث  إذا صلى ركعتين من المغرب وسلم ثم دخل في التطوع : إنه بمنزلة الكلام ; يستأنف الصلاة . ولنا ، أنه عمل عملا من جنس الصلاة سهوا ، فلم تبطل ، كما لو زاد خامسة . وأما بناء الثانية على الأولى ، فلا يصح ، لأنه قد خرج من الأولى ولم ينوها بعد ذلك ، ونية غيرها لا تجزئ عن نيتها ، كحالة الابتداء 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					