( 900 ) مسألة : قال ( وما عدا هذا من السهو فسجوده قبل السلام ، مثل المنفرد إذا شك في صلاته ، فلم يدر كم صلى ، فبنى على اليقين ، أو قام في موضع جلوس ، أو جلس في موضع قيام ، أو جهر في موضع تخافت ، أو خافت في موضع جهر ، أو صلى خمسا ، أو ما عدا ذلك من السهو ، فكل ذلك يسجد له قبل السلام ) وجملة ذلك ، أن السجود كله عند أحمد  قبل السلام ، إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام ، وهما إذا سلم من نقص في صلاته ، أو تحرى الإمام ، فبنى على غالب ظنه ، وما عداهما يسجد له قبل السلام . نص على هذا في رواية  الأثرم    . قال : أنا أقول ، كل سهو جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يسجد فيه بعد السلام ، وسائر السجود يسجد فيه قبل السلام ، هو أصح في المعنى ; وذلك أنه من شأن الصلاة ، فيقضيه قبل أن يسلم . 
ثم قال : سجد النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة مواضع بعد السلام ، وفي غيرها قبل السلام . قلت : اشرح الثلاثة مواضع التي بعد  [ ص: 378 ] السلام . قال : سلم من ركعتين ، فسجد بعد السلام ، هذا حديث ذي اليدين    . وسلم من ثلاث فسجد بعد السلام ، هذا حديث  عمران بن حصين    . وحديث  ابن مسعود  في موضع التحري سجد بعد السلام . قال القاضي : لا يختلف قول  أحمد  في هذين الموضعين ، أنه يسجد لهما بعد السلام . واختلف في من سها فصلى خمسا ، هل يسجد قبل السلام أو بعده  ؟ على روايتين . وما عدا هذه المواضع يسجد لها قبل السلام ، رواية واحدة . 
وبهذا قال  سليمان بن داود  ،  وأبو خيثمة  ،  وابن المنذر  ، وحكى  أبو الخطاب  عن  أحمد  روايتين أخريين ; إحداهما ، أن السجود كله قبل السلام روي ذلك عن  أبي هريرة  ،  ومكحول  ، والزهري  ،  ويحيى الأنصاري  ،  وربيعة  ،  والليث  ، والأوزاعي    . وهو مذهب  الشافعي    ; لحديث ابن بحينة  ،  وأبي سعيد    . وقال الزهري    : كان آخر الأمرين السجود قبل السلام . ولأنه تمام الصلاة وجبر لنقصها ، فكان قبل سلامها كسائر أفعالها . 
والثانية أن ما كان من نقص سجد له قبل السلام ; لحديث ابن بحينة    . وما كان من زيادة سجد له بعد السلام ; لحديث ذي اليدين ،  وحديث  ابن مسعود  حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم خمسا . وهذا مذهب  مالك   وأبي ثور  وروي عن  ابن مسعود  ، أنه قال : كل شيء شككت فيه من صلاتك من نقصان ، من ركوع أو سجود ، أو غير ذلك ، فاستقبل أكثر ظنك ، واجعل سجدتي السهو من هذا النحو قبل التسليم ، فأما غير ذلك من السهو فاجعله بعد التسليم . رواه سعيد . 
وقال أصحاب الرأي : سجود السهو كله بعد السلام ، وله فعلهما قبل السلام . يروى نحو ذلك عن  علي  ،  وسعد بن أبي وقاص  ،  وابن مسعود  ،  وعمار  ،  وابن عباس  ،  وابن الزبير  ،  وأنس  ، والحسن  ،  والنخعي  ،  وابن أبي ليلى    ; لحديث ذي اليدين  ، وحديث  ابن مسعود  التحري . وروى  ثوبان  ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لكل سهو سجدتان بعد التسليم   } رواه سعيد    . 
وعن  عبد الله بن جعفر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم   } رواهما أبو داود    . ولنا ، أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام ، وبعده في أحاديث صحيحة ، متفق عليها ، ففيما ذكرناه عمل بالأحاديث كلها ، وجمع بينها ، من غير ترك شيء منها ، وذلك واجب مهما أمكن ، فإن خبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة يجب المصير إليه ، والعمل به ، ولا يترك إلا لمعارض مثله ، أو أقوى منه ، وليس في سجوده ، بعد السلام أو قبله ، في صورة ، ما ينفي سجوده في صورة أخرى في غير ذلك الموضع ، وذكر نسخ حديث ذي اليدين  لا وجه له ، فإن راوييه  أبا هريرة   وعمران بن حصين  هجرتهما متأخرة . 
وقول الزهري  مرسل لا يقتضي نسخا ، فإنه لا يجوز أن يكون آخر الأمرين سجوده قبل السلام ; لوقوع السهو في آخر الأمر فيما سجوده قبل السلام . وحديث  ثوبان  راويه  إسماعيل بن عياش  وفي روايته عن أهل الحجاز  ضعف . وحديث ابن جعفر  فيه  ابن أبي ليلى  ، وهو ضعيف . وقال  الأثرم    : لا يثبت واحد منهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					