( 1187 ) فصل : وفي صلاة المفترض خلف المتنفل  روايتان : إحداهما : لا تصح . نص عليه  أحمد  ، في رواية أبي الحارث  ،  وحنبل    . واختارها أكثر أصحابنا . وهذا قول الزهري  ،  ومالك  ، وأصحاب الرأي ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه   } . متفق عليه . ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام ، أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر . 
والثانية : يجوز . نقلها إسماعيل بن سعيد    . ونقل أبو داود  ، قال : سمعت  أحمد  سئل عن رجل صلى العصر ، ثم جاء فنسي ، فتقدم يصلي بقوم تلك الصلاة ، ثم ذكر لما أن صلى ركعة ، فمضى في صلاته ؟ قال : لا بأس . 
وهذا قول  عطاء  ،  وطاوس  ،  وأبي رجاء  ، والأوزاعي  ،  والشافعي  ،  وسليمان بن حرب  ،  وأبي ثور  ،  وابن المنذر  ، وأبي إسحاق الجوزجاني  ، وهي أصح ; لما روى  جابر بن عبد الله  ، { أن  معاذا  كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة   } . متفق عليه . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { صلى بطائفة من أصحابه في الخوف ركعتين ، ثم سلم ، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، ثم سلم   } . رواه أبو داود  ،  والأثرم    . 
والثانية منهما تقع نافلة ، وقد أم بها مفترضين . وروي عن أبي خلدة  ، قال : أتينا  أبا رجاء  لنصلي معه الأولى ، فوجدناه قد صلى ، فقلنا : جئناك لنصلي معك . فقال : قد صلينا ولكن لا أخيبكم ، فأقام فصلى وصلينا معه . رواه  الأثرم    . ولأنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال ، فجاز ائتمام المصلي في إحداهما بالمصلي في الأخرى ، كالمتنفل خلف المفترض . 
فأما حديثهم فالمراد به ، لا تختلفوا عليه في الأفعال ، بدليل قوله : { فإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون   } . ولهذا يصح ائتمام المتنفل بالمفترض  مع اختلاف نيتهما ، ، وقياسهم ينتقض بالمسبوق في الجمعة يدرك أقل من ركعة ، ينوي الظهر خلف من يصلي الجمعة . 
 [ ص: 31 ] فصل : ولا يختلف المذهب في صحة صلاة المتنفل وراء المفترض . ولا نعلم بين أهل العلم فيه اختلافا ، وقد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم : {   : ألا رجل يتصدق على هذا ، فيصلي معه   } . والأحاديث التي في إعادة الجماعة ، ولأن صلاة المأموم تتأدى بنية الإمام ، بدليل ما لو نوى مكتوبة ، فبان قبل وقتها . ( 1189 ) فصل : فإن صلى الظهر خلف من يصلي العصر ،  ففيه أيضا روايتان : نقل إسماعيل بن سعيد  جوازه . ونقل غيره المنع منه . ونقل إسماعيل بن سعيد  ، قال : قلت  لأحمد    : فما ترى إن صلى في رمضان خلف إمام يصلي بهم التراويح  ؟ قال : يجوز ذلك من المكتوبة . 
وقال في رواية المروذي    : لا يعجبنا أن يصلي مع قوم التراويح ، ويأتم بها للعتمة . وهذه فرع على ائتمام المفترض بالمتنفل ، وقد مضى الكلام فيها . ( 1190 ) فصل : فإن كانت إحدى الصلاتين تخالف الأخرى في الأفعال  ، كصلاة الكسوف ، أو الجمعة ، خلف من يصلي غيرهما ، وصلاة غيرهما وراء من يصليهما ، لم تصح ، رواية واحدة ; لأنه يفضي إلى مخالفة إمامه في الأفعال ، وهو منهي عنه . ( 1191 ) فصل : ومن صلى الفجر ، ثم شك ، هل طلع الفجر أو لا ؟ أو شك في صلاة صلاها ، هل فعلها في وقتها أو قبله  ؟ لزمته إعادتها ، وله أن يؤم في الإعادة من لم يصل . وقال أصحابنا : يخرج على الروايتين في إمامة المتنفل مفترضا . 
ولنا أن الأصل بقاء الصلاة في ذمته ، ووجوب فعلها ، فيصح أن يؤم فيها مفترضا ، كما لو شك ، هل صلى أم لا ؟ ولو فاتت المأموم ركعة فصلى الإمام خمسا ساهيا ، فقال  ابن عقيل    : لا يعتد للمأموم بالخامسة ; لأنها سهو وغلط . وقال  القاضي    : هذه الركعة نافلة له ، وفرض للمأموم . فيخرج فيها الروايتان . وقد سئل  أحمد  عن هذه المسائل ، فتوقف فيها . والأولى ، أن يحتسب له بها ، لأنه لو لم يحتسب له بها للزمه أن يصلي خمسا مع علمه بذلك ، ولأن الخامسة واجبة على الإمام عند من يوجب عليه البناء على اليقين ، وعند استواء الأمرين عنده ، ثم إن كانت نفلا ، فالصحيح صحة الائتمام به . وقوله : إنه غلط . 
قلنا : لا يخرجه الغلط عن أن يكون نفلا مثابا فيه ، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { كانت الركعة والسجدتان نافلة له   } . وإن صلى بقوم الظهر يظنها العصر . فقال  أحمد    : يعيد ، ويعيدون . وهذا على الرواية التي منع فيها ائتمام المفترض بالمتنفل . فإن ذكر الإمام وهو في الصلاة ، فأتمها عصرا ، كانت له نافلة ، وإن قلب نيته إلى الظهر ، بطلت صلاته ; لما ذكرناه متقدما . وقال ابن حامد    : يتمها والفرض باق في ذمته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					