( 1203 ) مسألة ; قال : ( ومن أدرك الإمام راكعا فركع دون الصف ، ثم مشى حتى دخل في الصف ، وهو لا يعلم بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة    : { زادك الله حرصا ولا تعد   } قيل له : لا تعد . وقد أجزأته صلاته ، فإن عاد بعد النهي لم تجزئه صلاته ، ونص  أحمد  ، رحمه الله ، على هذا في رواية أبي طالب    ) وجملة ذلك ، أن من ركع دون الصف ، ثم دخل فيه  ، لا يخلو من ثلاثة أحوال : إما أن يصلي ركعة كاملة ، فلا تصح صلاته ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا صلاة لفرد خلف الصف   } . 
والثاني ، أن يدب راكعا حتى يدخل في الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع ، أو أن يأتي آخر فيقف معه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإن صلاته تصح ; لأنه أدرك مع الإمام في الصف ما يدرك به الركعة . وممن رخص في ركوع الرجل دون الصف  زيد بن ثابت  ، وفعله  ابن مسعود  ،  وزيد بن وهب  ، وأبو بكر بن عبد الرحمن  ،  وعروة  ،  وسعيد بن جبير  ،  وابن جريج    . وجوزه الزهري  ، والأوزاعي  ،  ومالك  ،  والشافعي  ، إذا كان قريبا من الصف . 
الحال الثالث ، إذا رفع رأسه من الركوع ، ثم دخل في الصف ، أو جاء آخر فوقف معه قبل إتمام الركعة ، فهذه الحال التي يحمل عليها قول  الخرقي    : " ونص  أحمد    " . فمتى كان جاهلا بتحريم ذلك ، صحت صلاته ، وإن علم ، لم تصح . وروى أبو داود  ، عن  أحمد  ، أنه يصح ، ولم يفرق . 
وهذا مذهب  مالك  ،  والشافعي  ، وأصحاب الرأي ; لأن أبا بكرة  فعل ذلك ، وفعله من ذكرنا من الصحابة ولنا ، ما روي أن أبا بكرة  انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلى الصف ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال {   : زادك الله حرصا ولا تعد   } . رواه  البخاري  ، ورواه أبو داود  ، ولفظه : أن أبا بكرة  جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع ، فركع دون الصف ، ثم مشى إلى الصف ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ، قال {   : أيكم الذي ركع دون الصف ، ثم مشى إلى الصف ؟ فقال أبو بكرة    : أنا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : زادك الله حرصا ، ولا تعد   } . 
فلم يأمره بإعادة الصلاة ، ونهاه عن العود ، والنهي يقتضي الفساد . فإن قيل : إنما نهاه عن التهاون والتخلف عن الصلاة . قلنا : إنما يعود النهي إلى المذكور ، والمذكور الركوع دون الصف ، ولم ينسبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى التهاون ، وإنما نسبه إلى الحرص ، ودعا له بالزيادة فيه ، فكيف ينهاه عن التهاون ، وهو منسوب إلى ضده ؟ 
وروي عن  أحمد  ، رحمه الله ، رواية أخرى ، أنها لا تصح صلاته ، عالما كان أو جاهلا ; لأنه لم يدرك في الصف ما يدرك به الركعة ، أشبه ما لو صلى ركعة كاملة ، وعلى هذا يحمل حديث أبي بكرة  ، على أنه دخل في الصف قبل رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ، وقد قال  أبو هريرة    : لا يركع أحدكم حتى يأخذ مقامه من الصف . 
ولم يفرق  القاضي  في هذه المسألة  [ ص: 36 ] بين من رفع رأسه من الركوع ثم دخل ، وبين من دخل فيه راكعا ، وكذلك كلام  أحمد   والخرقي  ، ولا تفريق فيه ، والدليل يقتضي التفريق ، فيحمل كلامهم عليه ، وقد ذكره  أبو الخطاب  نحوا مما ذكرنا . ( 1204 ) فصل : وإن فعل هذا لغير عذر ، ولا خشي الفوات ، ففيه وجهان : أحدهما ، يجزئه ; لأنه لو لم يجز مطلقا لم يجز حال العذر ، كالركعة كلها . 
والثاني ، لا يجزئه ; لأن الأصل أن لا يجوز ; لكونه يفوته في الصف ما تفوته الركعة بفواته ، وإنما أبيح في المعذور لحديث أبي بكرة  ، ففي غيره يبقى على الأصل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					