( الثاني أن يكونوا بقرية مجتمعة البناء بما جرت العادة بالبناء به ، من حجر أو لبن أو طين أو قصب أو شجر ) لأنه صلى الله عليه وسلم { كتب إلى قرى عرينة  أن يصلوا الجمعة   } وقوله : مجتمعة البناء قال في المبدع : اعتبر  أحمد  في رواية ابن القاسم  اجتماع المنازل في القرية قاله  القاضي  وقال أيضا : معناه متقاربة الاجتماع والصحيح : أن التفريق إذا لم تجر به العادة لم تصح فيها الجمعة زاد في الشرح : إلا أن يجتمع منها ما يسكنه أربعون فتجب بهم الجمعة  ، ويتبعهم الباقون قال ابن تميم   والمجد  في فروعه : وربض البلد له حكمه وإن كان بينهما فرجة ا هـ فيحمل قوله : مجتمعة البناء على أن لا تكون متفرقة بما يخرج عن العادة ، كما يعلم مما يأتي في كلامه ( يستوطنها أربعون ) فأكثر ، ولو ( بالإمام من أهل وجوبها ) أي وجوب الجمعة . 
لما روى أبو داود  عن  كعب بن مالك  قال " أول من صلى بنا الجمعة في نقيع الخضمات   أسعد بن زرارة  وكنا أربعين صححه  ابن حبان   والبيهقي   والحاكم  وقال على شرط  مسلم    . 
وقال  جابر    " مضت السنة في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر رواه  الدارقطني  وفيه ضعف ( استيطان إقامة لا يظعنون ) أي يرحلون ( عنها صيفا ولا شتاء ) لأن ذلك هو الاستيطان   ( فلا تجب ) الجمعة ( ولا تصح من مستوطن بغير بناء  ، كبيوت الشعر والخيام والخراكي ونحوها ) لأن ذلك لم يقصد للاستيطان غالبا . 
ولذلك كانت قبائل العرب حوله صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بها زاد في المستوعب وغيره : ولو اتخذوها أوطانا لأن استيطانهم في غير بنيان ( ولا ) تجب ولا تصح ( في بلد يسكنها أهلها بعض السنة  دون بعض ) لعدم الإقامة قال ابن تميم    : وكذا لو دخل قوم بلدا لا ساكن به بنية الإقامة به سنة فلا جمعة عليهم  ولو أقام ببلد ما يمنع القصر وأهله أي البلد لا تجب عليهم فلا جمعة أيضا ( أو بلد فيها دون العدد المعتبر    ) فلا جمعة عليهم ، لعدم صحتها منهم ( أو ) بلد ( متفرقة بما لم تجر العادة به )   [ ص: 28 ] أي تفرقا كثيرا غير معتاد . 
( ولو شملها اسم واحد ) لعدم الاجتماع ( وإن خربت القرية أو بعضها ، وأهلها مقيمون بها عازمون على إصلاحها  فحكمها باق في إقامة الجمعة بها ) لعدم ارتحالهم أشبهوا المستوطنين . 
( فإن عزموا على النقلة عنها ) أي عن القرية الخراب ( لم تجب عليهم الجمعة لعدم الاستيطان وتصح ) الجمعة ( فيما قارب البنيان من الصحراء  ، ولو بلا عذر ) فلا يشترط لها البنيان لقول  كعب بن مالك    :  أسعد بن زرارة  أول من جمع بنا في هزم النبيت  من حرة بني بياضة  في نقيع ، يقال له ، نقيع الخضمات  قال : كم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعين رجلا رواه أبو داود   والدارقطني  قال  البيهقي  حسن الإسناد صحيح قال  الخطابي  حرة بني بياضة  على ميل من المدينة  وقياسا على الجامع لكن قال  ابن عقيل    : إذا صلى في الصحراء استخلف من يصلي بالضعفة ( ولا ) تصح الجمعة ( فيما بعد ) عن البنيان  ، لشبههم إذن بالمسافرين . 
  ( ولا يتمم عدد من مكانين متقاربين )  كقريتين في كل منهما عشرون فلا تتمم الجمعة منهما ولو قرب ما بينهما لأنه لا يشملهما اسم واحد أشبهتا المتباعدين . 
( ولا يصح تجميع ) عدد ( كامل في ) محل ( ناقص ) فيه العدد ( مع القرب الموجب للسعي ) ويلزم التجميع في الكامل  لئلا يصير التابع متبوعا وعدم الصحة مع البعد أولى . 
( والأولى مع تتمة العدد فيها ) أي المكانين ( تجمع كل قوم ) في قريتهم لأنه أبلغ في إظهار الشعار . 
( وإن جمعوا في مكان واحد فلا بأس ) بذلك لتأديتهم فرضهم   ( ولا يشترط للجمعة المصر )  خلافا  لأبي حنيفة  لما تقدم من كتابته صلى الله عليه وسلم إلى قرى عرينة    " أن يصلوا الجمعة " ولما روى  الأثرم  عن  أبي هريرة  أنه " كتب إلى  عمر  يسأله عن الجمعة بالبحرين  وكان عامله عليها فكتب إليه  عمر    : جمعوا حيث كنتم قال  أحمد    : إسناده جيد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					