( ويحرم فيه أي المسجد ) البيع والشراء والإجارة ; ( لأنها نوع من البيع ) للمعتكف وغيره ، وظاهره قل المبيع أو كثر احتاج إليه أو لا لحديث  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والابتياع وعن تناشد الأشعار في المساجد   } رواه  أحمد  وأبو داود   والنسائي  والترمذي  وحسنه . 
ورأى عمران القصير  رجلا يبيع في المساجد فقال : يا هذا إن هذا سوق الآخرة فإن أردت البيع فاخرج إلى سوق الدنيا " ( فإن فعل ) أي :باع أو اشترى في المسجد    ( فباطل ) قال  أحمد  ، وإنما هذه بيوت الله لا يباع فيها ولا يشترى وجوز  أبو حنيفة  البيع وأجازه  مالك   والشافعي  مع الكراهة ، وقطع بالكراهة في الفصول والمستوعب . 
وفي الشرح في آخر كتاب البيع   ( ويسن أن يقال له ) أي لمن باع أو اشترى في المسجد : ( لا أربح الله تجارتك )  ردعا له ، ( ولا يجوز التكسب فيه ) أي المسجد ( بالصنعة  كخياطة وغيرها قليلا كان ) ذلك ( أو كثيرا لحاجة وغيرها ) وفي المستوعب . 
سواء كان الصانع يراعي المسجد بكنس أو رش ونحوه أو لم يكن ; لأنه بمنزلة التجارة  [ ص: 367 ] بالبيع والشراء ، ( ولا يبطل بهن ) أي : بالبيع والشراء والإجارة والتكسب بالصنعة ( الاعتكاف ) كسائر المحرمات التي لا تخرجه عن أهلية العبادة ( فلا يجوز أن يتخذ المسجد مكانا للمعايش ) ; لأنه لم يبن لذلك ( وقعود الصناع والفعلة فيه ينتظرون من يكريهم بمنزلة وضع البضائع فيه ينتظرون من يشتريها وعلى ولي الأمر منعهم من ذلك ) كسائر المحرمات ، ( وإن وقفوا ) أي الصناع والفعلة ( خارج أبوابه ) ينتظرون من يكريهم ( فلا بأس ) بذلك لعدم المحذور . 
قال ( الإمام )  أحمد  في رواية  حنبل    : ( لا أرى لرجل ) ومثله الخنثى والمرأة ( إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح فإن المساجد إنما بنيت لذلك وللصلاة ، فإذا فرغ من ذلك خرج إلى معاشه ) لقوله تعالى {    : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله    } . 
( و ) يجب أن ( يصان ) المسجد عن عمل صنعة لتحريمها فيه كما تقدم ( ولا يكره اليسير ) من العمل في المسجد ( لغير التكسب كرقع ثوبه وخصف نعله  ، سواء كان الصانع يراعي ) أن يتعهد ( المسجد بكنس ونحوه ) كرش ( أو لم يكن ) كذلك ( ويحرم ) فعل ذلك ( للتكسب كما تقدم إلا الكتابة ، فإن ) الإمام (  أحمد  سهل فيها ولم يسهل في وضع النعش فيه ، قال القاضي سعد الدين الحارثي    : لأن الكتابة نوع تحصيل للعلم فهي في معنى الدراسة ) ، وهذا يوجب التقيد بما لا يكون تكسبا ، وإليه أشار بقوله : فليس ذلك كل يوم ، انتهى كلام الحارثي  قال في الآداب الكبرى : وظاهر ما نقل  الأثرم    : التسهيل في الكتابة مطلقا لما فيه من تحصيل العلم وتكثير كتبه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					