( فصل ولأب فقط إذا كان ) الأب ( حرا أن يتملك من مال ولده ما شاء )  قال في الاختيارات : ما لم يتعلق به حق كالرهن والفلس وإن تعلق به رغبة كالمداينة والمناكحة وقلنا : يجوز الرجوع في الهبة ففي التملك نظر ( مع حاجة الأب ) إلى تملك مال ولده . 
( و ) مع ( عدمها في صغر الولد وكبره وسخطه ورضاه وبعلمه وبغيره ) لما روى سعيد  والترمذي  وحسنه عن  عائشة  قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم   } وروى  الطبراني  في معجمه عن  عمرو بن شعيب  عن أبيه عن جده قال : { جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي احتاج مالي فقال أنت ومالك لأبيك   } . 
ولأن الولد موهوب لأبيه بالنص القاطع وما كان موهوبا له كان له أخذ ماله كعبده يؤيده أن  سفيان بن عيينة  قال في قوله تعالى {    : ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم    } الآية ذكر الأقارب دون الأولاد لدخولهم في قوله { من بيوتكم    } لأن بيوت أولادهم كبيوتهم ولأن الرجل يلي مال ولده من غير تولية كمال نفسه ( دون أم وجد وغيرهما ) من سائر الأقارب لأن الأصل المنع خولف في الأب لدلالة النص وبقي ما عداه على الأصل ( بشروط ) ستة متعلق ب يتملك . 
( أحدها أن يكون ) ما يتملكه الأب ( فاضلا عن حاجة الولد لئلا يضره ) بتملكه وهو منفي بقوله صلى الله عليه وسلم  [ ص: 318 ]   { لا ضرر ولا ضرار   } ( فليس له ) أي : الأب ( أن يتملك سريته وإن لم تكن ) سريته ( أم ولد ) للابن ( لأنها ملحقة بالزوجات ولا ) يتملك أيضا ( ما تعلقت حاجته به ) كآلة حرفة يتكسب بها ورأس مال تجارة لأن حاجة الإنسان مقدمة على دينه فلأن تقدم على أبيه بطريق الأولى الشرط ( الثاني أن لا يعطيه ) الأب ( لولد آخر ) فلا يتملك من مال ولده زيد  ليعطيه لولده عمرو  لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى . 
الشرط ( الثالث أن لا يكون ) التملك ( في مرض موت أحدهما ) أي : الأب أو الولد لأنه بالمرض قد انعقد السبب القاطع للتملك الشرط ( الرابع : أن لا يكون الأب كافرا والابن مسلما لا سيما إذا كان الابن كافرا ثم أسلم قاله الشيخ    ) قال في الإنصاف : وهذا عين الصواب انتهى لحديث { الإسلام يعلو ولا يعلى   } ( وقال ) الشيخ  أيضا ( الأشبه أن الأب المسلم ليس له أن يأخذ من مال ولده الكافر شيئا ) لانقطاع الولاية والتوارث . 
الشرط ( الخامس أن يكون ) ما يتملكه الأب ( عينا موجودة ) فلا يتملك دين ابنه لأنه لا يملك التصرف فيه قبل قبضه ( ويحصل تملكه ) أي : الأب لمال ولده ( بقبض ) ما يتملكه ( مع قول ) تملكته أو نحوه ( أو نية ) قال في الفروع : ويتوجه أو قرينة لأن القبض أعم من أن يكون للتملك أو غيره فاعتبر القول أو النية ليتعين وجه القبض . 
( وهو ) أي : القبض مع ما ذكر الشرط ( السادس : ولا يصح تصرفه ) أي : الأب ( فيه ) أي : في مال ولده ( قبل ذلك ) أي : قبل القبض مع القول أو النية ( ولو عتقا ) لأن ملك الابن تام على مال نفسه يصح تصرفه فيه ويحل له وطء جواريه . 
ولو كان الملك مشتركا لم يحل الوطء كما لا يجوز له وطء الجارية المشتركة وإنما للأب انتزاعها منه كالعين التي وهبها إياه ( ولا يملك أب إبراء نفسه ) من دين ولده ( ولا ) يملك الأب أيضا ( إبراء غريم ولده ولا ) يملك الأب ( تملك ما في ذمة نفسه ، ولا ) تملك ما في ( ذمة غريم ولده ، ولا ) يملك ( قبضه ) أي : الدين ( منهما ) أي : من نفسه وغريم ولده ( لأن الولد لم يملكه ) قبل قبضه . 
( ولو أقر ) الأب ( بقبض دين ولده ) من غريمه ( فأنكر الولد ) أن يكون أبوه قبض ( أو أقر ) بالقبض ( رجع ) الولد ( على غريمه ) بدينه لعدم براءته بالدفع إلى أبيه ( ورجع الغريم على الأب ) بما أخذه منه إن كان باقيا وببدله إن كان تالفا لأنه قبض ما ليس له قبضه لا بولاية ولا بوكالة . 
فقول الإمام في رواية مهنا    : ولو  [ ص: 319 ] أقر بقبض دين ابنه فأنكر رجع على غريمه وهو على الأب : لا يعول على مفهومه من أنه لو أقر لا يرجع لأنه يمكن أن يكون جوابا عن سؤال سائل فلا يحتج بمفهومه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					