( باب العفو عن القصاص ) أجمعوا على جواز العفو عن القصاص  وأنه أفضل لقوله تعالى { فمن عفي له  [ ص: 543 ] من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة    } والقصاص كان حتما على اليهود  وحرم عليهم العفو والدية ، وكانت الدية حتما على النصارى  وحرم عليهم القصاص فخيرت الأمة بين القصاص وأخذ الدية والعفو تخفيفا ورحمة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم { لا يرفع إليه أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو   } رواه الخمسة إلا  النسائي  من حديث  أنس  والقياس يقتضيه لأن القصاص حق له فجاز تركه كسائر الحقوق والعفو : المحو والتجاوز . 
( الواجب بقتل العمد  أحد شيئين القود أو الدية ) لقوله تعالى { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان    } أوجب الاتباع بمجرد العفو ، ولو أوجب العمد بالقصاص عينا لم تجب الدية عند العفو المطلق ( فيخير الولي بينهما ) فإن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية ( ولو لم يرض الجاني ) لقول  ابن عباس  كان في بني إسرائيل  القصاص ولم يكن فيهم الدية ، فأنزل الله هذه الآية { كتب عليكم القصاص في القتلى    } الآية رواه  البخاري    . 
وعن  أبي هريرة  مرفوعا : { من قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يودى وإما أن يقاد   } متفق عليه ( وإن عفا مجانا فهو أفضل ) لقوله تعالى { فمن تصدق به فهو كفارة له    } وقوله تعالى { فمن عفا وأصلح فأجره على الله    } وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر به ( ثم لا عقوبة على جان لأنه إنما عليه حق واحد وقد سقط ) كعفو عن دية قاتل خطأ قال الشيخ تقي الدين    : العدل نوعان ، أحدهما : هو الغاية وهو العدل بين الناس ، والثاني : ما يكون الإحسان أفضل منه وهو عدل الإنسان بينه وبين خصمه في الدم والمال والعرض فإن استيفاء حقه عدل والعفو إحسان والإحسان هنا أفضل ، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانا إلا بعد العدل وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر فإذا حصل منه ضرر كان ظلما من العافي لنفسه ، وأما لغيره فلا يشرع ، ومحله ما لم يكن لمجنون أو صغير فلا يصح العفو إلى غير مال لأنه لا يملك إسقاط حقه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					