1752 - مسألة : فمن مات ولم يوص    : ففرض أن يتصدق عنه بما تيسر ولا بد ; لأن فرض الوصية واجب ، كما أوردنا ، فصح أنه قد وجب أن يخرج شيء من ماله بعد الموت ، فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب إخراجه من ماله ، ولا حد في ذلك إلا ما رآه الورثة ، أو الوصي مما لا إجحاف فيه على الورثة - وهو قول طائفة من السلف ، وقد صح به أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
كما روينا من طريق  مالك  عن  هشام بن عروة  عن أبيه عن  عائشة أم المؤمنين    : { أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وإنها لو تكلمت تصدقت ، أفأتصدق عنها يا  [ ص: 352 ] رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فتصدق عنها   } فهذا إيجاب الصدقة عمن لم يوص ، وأمره عليه الصلاة والسلام : فرض . 
ومن طريق  مسلم بن الحجاج  نا  قتيبة  نا  إسماعيل - هو ابن جعفر -  عن  العلاء بن عبد الرحمن  عن أبيه عن  أبي هريرة    : { أن رجلا قال لرسول الله إن أبي مات ولم يوص ، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال عليه الصلاة والسلام : نعم   } . 
فهذا إيجاب للوصية ، ولأن يتصدق عمن لم يوص ولا بد ; لأن التكفير لا يكون إلا في ذنب ، فبين عليه الصلاة والسلام : أن ترك الوصية يحتاج فاعله إلى أن يكفر عنه ذلك ، بأن يتصدق عنه ، وهذا ما لا يسع أحدا خلافه . 
ومن طريق  عبد الرزاق  عن  سفيان بن عيينة  عن  يحيى بن سعيد الأنصاري  عن  القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق  قال : مات عبد الرحمن بن أبي بكر  في منام له فأعتقت عنه عائشة  أم المؤمنين تلادا من تلاده . 
فهذا يوضح أن الوصية عندها رضي الله عنها : فرض ، وأن البر عمن لم يوص : فرض ، إذ لولا ذلك ما أخرجت من ماله ما لم يؤمر بإخراجه . 
ومن طريق  عبد الرزاق  أنا  ابن جريج  عن  إبراهيم بن ميسرة  أنه سمع  طاوسا  يقول : ما من مسلم يموت لم يوص إلا وأهله أحق ، أو محقون أن يوصوا عنه قال  ابن جريج  فعرضت على  ابن طاوس  هذا وقلت : أكذلك ؟ فقال : نعم . 
والعجب أنهم يقولون : إن المرسل كالمسند . 
وقد روينا عن  عبد الرزاق  عن  ابن جريج  ، وسفيان  ،  ومعمر  ، كلهم : عن  عبد الله بن طاوس  عن أبيه : { أن رجلا قال : يا رسول الله إن أمي توفيت ولم توص ، أفأوصي عنها ؟ فقال : نعم   } . 
ومن طريق  معمر  عن  يحيى بن أبي كثير  عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام "   [ ص: 353 ]   { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عن امرأة ماتت ولم توص وليدة وتصدق عنها بمتاع   } . 
ولا مرسل أحسن من هذين ؟ فخالفوهما ، لرأيهما الفاسد 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					