[ ص: 298 ] صفة القتل في المحارب 2265 - مسألة : قال  أبو محمد  رحمه الله : لا خلاف على أن القتل الواجب في المحارب  إنما هو ضرب العنق بالسيف فقط ، وأما قطعه فإن الله تعالى قال { أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف    } . فصح بهذا أنه لا يجوز قطع يديه ورجله معا ; لأنه لو كان ذلك لم يكن القطع من خلاف ، وهذا أيضا إجماع لا شك فيه ، فقال قوم : يقطع يمين يديه ويسرى رجليه ثم يحسم بالنار ولا بد ؟ قال  أبو محمد    : أما الحسم فواجب ; لأنه إن لم يحسم مات ، وهذا قتل لم يأمر الله تعالى به ، وقد قلنا : إنه لا يحل أن يجمع عليه الأمران معا ; لأن الله تعالى إنما أمر بذلك بلفظ " أو " وهو يقتضي التخيير ولا بد . 
ولو أراد الله تعالى جمع ذلك لقال : أن يقتلوا ويصلبوا وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف . 
وهكذا قوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة    } . 
وقوله تعالى { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك    } . 
فإن قال قائل : فإن العرب  قد قالت : جالس الحسن  ، أو  ابن سيرين    - وكل خبزا ، أو تمرا - وقال تعالى { ولا تطع منهم آثما أو كفورا    } . قلنا : أما قول الله تعالى { ولا تطع منهم آثما أو كفورا    } فهو على ظاهره ، وهو عليه السلام منهي أن يطيع الآثم - وإن لم يكن كفورا - وكل كفور آثم ، وليس كل آثم كفورا - فصح أن ذكره تعالى للكفور تأكيد أبدا ، وإلا فالكفور داخل في الآثم . 
وأما قول العرب    : جالس الحسن  ، أو  ابن سيرين    - وكل خبزا ، أو تمرا ، فنحن لا نمنع خروج اللفظ عن موضوعه في اللغة بدليل ، وإنما نمنع من إخراجه بالظنون والدعوى الكاذبة .  [ ص: 299 ] وإنما صرنا إلى أن قول القائل : جالس الحسن  ، أو  ابن سيرين    : إباحة لمجالستهما معا ، ولكل واحد منهما بانفراده . 
وكذلك قولهم : كل خبزا ، أو تمرا أيضا ، ولا فرق - بدليل أوجب ذلك من حال المخاطب ، ولولا ذلك الدليل لما جاز إخراج " أو " عن موضوعها في اللغة - أصلا وموضوعها ، إنما هو التخيير أو الشك - والله تعالى لا يشك ، فلم يبق إلا التخيير فقط ؟ قال  أبو محمد    : ولو قطع القاطع يسرى يديه ، ويمنى رجليه ، لم يمنع من ذلك ، عمدا فعله أو غير عامد ; لأن الله تعالى لم ينص على قطع يمنى يديه دون يسرى ، وإنما ذكر تعالى الأيدي والأرجل فقط { وما كان ربك نسيا    } . ومن ادعى هاهنا إجماعا فقد كذب على جميع الأمة ، ولا يقدر على أن يوجد ذلك عن أحد من الصحابة أصلا ، وما نعلمه عن أحد من التابعين - وبالله تعالى التوفيق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					