باب بيع الولاء 
( قال ) : ذكر عن  ابن عمر  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهما قال {   : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب   } . وبهذا نأخذ دون ما روي عن  سليمان بن يسار  أنه كان  [ ص: 98 ] مولى لميمونة بنت الحارث  ، فوهبت ولاءه لابن العباس  وهذا لأن الهبة عقد تمليك فيستدعي شيئا مملوكا يضاف إليه عقد الهبة ليصح التمليك فيه ، وليس للمعتق على معتقه شيء مملوك وعلى هذا لو تصدق بولاء العتاقة أو أوصى به لإنسان  فهو باطل ، وكذلك لو باع ولاء العتاقة  فهو باطل ; لما قلنا ; ولأن البيع يستدعي مالا متقوما ، والولاء ليس بمال متقوم ، وقد بينا في أول الكتاب أن الولاء نفسه لا يورث ، إنما يورث به كالنسب ، والإرث قد يثبت فيما لا يحتمل البيع والهبة كالقصاص ، فإذا كان لا يورث فلأن لا يتحقق فيه البيع والهبة والصدقة كان أولى ، وولاء الموالاة قياس ولاء العتق لا يجوز بيعه من أحد ولا هبته ; لما قلنا بل أولى ; لأن ولاء الموالاة يعتمد التراضي ، والأسفل غير راض بأن يكون ولاؤه لغير من عاقده ، وولاء العتق لا يعتمد التراضي فإذا لم يصح التحويل هناك فهنا أولى ، وإن كان الذي أسلم ووالى هو الذي باع ولاءه من آخر أو وهبه كان ذلك نقضا للولاء الأول وموالاة مع هذا الثاني إن لم يكن عقل عنه الأول ; لأن قصده بتصرفه أن يكون ولاؤه للثاني ، فيجب تحصيل مقصوده بطريق الإمكان ، ألا ترى أنه لو عقد مع الثاني بغير محضر من الأول كان ذلك نقضا منه للولاء الأول بخلاف الأعلى ، فإنه لا يملك نقض ولائه بغير محضر منه بحال ، ولكن بيع الأسفل من الثاني باطل حتى يرد عليه ما قبض من الثاني من الثمن ; لأن البيع لا ينعقد إلا على مال متقوم والولاء ليس بمال فلا ينعقد به البيع مضافا إليه كالميتة والدم ، وإذا لم ينعقد البيع لا يملك البدل بالقبض فلا ينفذ عتقه فيه . والله أعلم بالصواب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					