ذمي حلف على يمين ، ثم أسلم ، ثم حنث في يمينه  لم يكن عليه كفارة عندنا ، وقال  الشافعي  رحمه الله تعالى : يلزمه الكفارة ; لأنه من أهل اليمين ، فإن المقصود من اليمين الحظر أو الإيجاب ، والذمي من أهله . قال الله تعالى {    : ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم    } فقد جعل للكافرين يمينا ، والدليل عليه أنه يستحلف في المظالم والخصومات بالله ، وأنه من أهل الطلاق والعتاق ومن أهل اليمين بالطلاق والعتاق ، فيكون من أهل اليمين بالله تعالى وإذا انعقدت يمينه يلزمه الكفارة عند الحنث إن حنث قبل الإسلام كفر بالمال ; لأنه ليس من أهل التكفير بالصوم ، ونظيره العبد يلزمه الكفارة بالتكفير بالصوم ; لأنه ليس بأهل للتكفير بالمال ، وإن حنث بعد الإسلام كفر بالصوم إذا لم يجد المال ، والدليل على أن الكافر أهل للكفارة ، وأن في الكفارة معنى العقوبة ومعنى العبادة ، فيجب على الكافر بطريق العقوبة ، وعلى المسلم بطريق الطهرة كالحدود ، فإنها كفارات كما قال صلى الله عليه وسلم {   : الحدود كفارات لأهلها ثم تقام على المسلم التائب تطهرا وعلى الكافر عقوبة   } . 
( وحجتنا ) في ذلك حديث قيس بن عاصم المنقري  حيث { سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني حلفت في الجاهلية ، أو قال : نذرت فقال صلى الله عليه وسلم : هدم الإسلام ما كان في الشرك   } ; ولأن وجوب الكفارة باعتبار هتك حرمة اسم الله تعالى بالحنث ، وما فيه من الشرك أعظم من ذلك ، فقد هتك حرمة اسم الله تعالى بإصراره على الشرك بأبلغ الجهات  [ ص: 147 ] وعقد اليمين لما فيه من الحظر والإيجاب تعظيما لحرمة اسم الله تعالى والكافر ليس بأهل له قال الله تعالى {    : فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم    } . والاستحلاف في المظالم والخصومات ; لأنه من أهل مقصودها ، وهو النكول أو الإقرار وانعقاد يمينه بالطلاق والعتاق ; لأنه من أهلها مجيزا ، فأما هذه اليمين موجبها البر لتعظيم اسم الله ، والكافر ليس من أهله وبعد الحنث موجبها الكفارة ، والكافر ليس بأهل لها ; لأن الكفارة كاسمها ستارة للذنب . قال الله تعالى {    : إن الحسنات يذهبن السيئات    } ، ومعنى العقوبة في الكفارة صورة فأما من حيث المعنى ، والحكم المقصود منها العبادة . 
ألا ترى أنه يأتي بها من غير أن تقام عليه كرها ، وأنها تتأدى بالصوم الذي هو محض العبادة ، ولا تتأدى إلا بنية العبادة ، والمقصود بها التطهر كما بينا بخلاف الحدود فإنها تقام خزيا وعذابا ونكالا ، ومعنى التكفير بها إذا جاء تائبا مستسلما مؤثرا عقوبة الدنيا على عقوبة الآخرة ، كما فعله ماعز  رضي الله عنه ، فلهذا يستقيم إقامتها على الكافر  بطريق الخزي والنكال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					