ص ( وحمل طعام لبلد بنصفه إلا أن يقبضه الآن ) 
ش : أي إلا أن يشترط أن يقبض نصفه الآن قال في كتاب الجعل والإجارة من المدونة : ولا يجوز أن يحمل لك طعاما إلى بلد كذا بنصفه  إلا أن تنقده نصفه مكانك ; لأنه شيء بعينه بيع على أن يتأخر قبضه إلى أجل انتهى . 
قال أبو الحسن    : هذا بالشرط ، ولو اشترط أن ينقده فلا إشكال في المنع ، وإن وقع الأمر مبهما فعلى مذهب ابن القاسم  هو على الفساد حتى يشترط قبض نصفه الآن ، وعلى مذهب  أشهب  وابن حبيب   وسحنون  هو جائز حتى يشترط أن لا يقبضه إلا بعد البلاغ ، ونحوه في ابن يونس    ( تنبيهان الأول : ) قال في كتاب الجعل والإجارة من المدونة : ولا يجوز أن يقول له : احمل طعامي هذا إلى بلد كذا ولك نصفه إلا أن يعطي نصفه نقدا ، ولا يجوز على تأخيره إلى البلد لو اكتال نصفه هاهنا ، ثم يحمل الجميع إلى البلد لم يجز أيضا قال ابن حبيب    : ولو سلم له نصفه إن شاء حمله أو حبسه لجاز انتهى . 
فمعنى الأول أنه كان له نصفه ، وشرط عليه أن يحمل الجميع إلى البلد والله أعلم . 
( الثاني : ) إذا وقع ذلك وحمله للبلد فذكر ابن يونس  عن ابن أخي هشام  أن للحمال نصفه ، وعليه مثله في الموضع الذي حمله منه ، وله كراؤه في النصف الآخر ما بلغ قال : وعاب هذا بعض شيوخنا ، وقال : يلزم عليك إذا هلك الطعام أن تضمن نصفه ; لأنه على قوله بالقبض لزم ذمته ، وهذا بعيد ; لأن فساد المعاملة منع المكاري من قبض حصته إلى أن يصل للبلد المحمول إليه فكيف يضمن إذا هلك قبل البلد ، وهو إنما يصير له بعد الوصول إليها ، وإنما يكون الطعام كله لربه ، وعليه إجارة حمله كله ، وهذا هو الصواب كما في مسألة دبغ الجلود ونصها : ونسج الثوب على أن له نصف ذلك إذا فرغ فعمل على ذلك فإن له أجر عمله ، والثوب والجلود لربها ، فكذلك هذا انتهى . 
أبو الحسن    : ويظهر لي أن قول ابن أخي هشام  هو ظاهر الكتاب من قوله ; لأنه لا شيء بعينه بيع على أن يتأخر قبضه تأمله ، وفي مسألة الجلود والثوب : شرط أنه إنما يقبض بعد الفراغ انتهى . 
فإن أفات الحمل النصف بعد وصوله للبلد المحمول إليه ، فعليه مثله في ذلك الموضع ، وله جميع الكراء والله أعلم . 
				
						
						
