( وسجدة الشكر لا تدخل الصلاة ) لأن سببها لا تعلق له بها فإن فعلها فيها عامدا عالما بطلت صلاته ( و ) إنما ( تسن لهجوم نعمة ) له أو لنحو ولده أو لعموم المسلمين ظاهرة من حيث لا يحتسب ، وإن توقعها قبل كولد أو وظيفة دينية إن تأهل لها وطلب منه قبولها فيما يظهر أو مال أو جاه أو نصر على عدو أو قدوم غائب أو شفاء مريض بشرط حل المال وما بعده كما هو واضح وليس الهجوم مغنيا عن القيدين بعده ولا تمثيلهم بالولد منافيا للأخير خلافا لزاعميهما ؛ لأن المراد بهجوم الشيء مفاجأة وقوعه الصادق بالظاهر وما لا ينسب عادة لتسببه وضدهما وبالظهور أن يكون له وقع عرفا وبالأخير أن لا ينسب وقوعه في العادة لتسببه والولد ، وإن تسبب فيه لكنه كذلك ( أو ) هجوم ( اندفاع نقمة ) عنه أو عمن ذكر ظاهرة من حيث لا يحتسب كذلك كنجاة مما الغالب وقوع نحو الهلاك فيه كهدم وغرق للخبر الصحيح { أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسر به خر ساجدا } ورواه في دفع النقمة ابن حبان وخرج بالهجوم فيهما استمرارهما كالإسلام والعافية ؛ لأنه يؤدي إلى استغراق العمر في السجود .
كذا قيل وقد يعكر عليه قولهم في مواضع لا نظر لذلك ؛ لأنا لا نأمره به إلا إذا لم يعارضه ما هو أهم منه فالوجه التعليل بأن ذلك لم يرد له نظير بخلاف الهجوم بقيديه المذكورين بالظهور ما لا وقع له كحدوث درهم لفقير واندفاع وما لا وقع [ ص: 217 ] لإيذائه عادة لو أصابه وأما إخراج الباطنة كالمعرفة وستر المساوئ ففيه نظر ظاهر ؛ لأنهما من أجل النعم فالذي يتجه السجود لحدوثهما وبالأخير ما يحصل عقب أسبابه عادة كربح متعارف لتاجر ويسن إظهار السجود لذلك إلا إن تجددت له ثروة أو جاه أو ولد مثلا بحضرة من ليس له ذلك وعلم بالحال لئلا ينكسر قلبه .
ولو ضم للسجود صدقة أو صلاة كان أولى أو أقامهما مقامه فحسن وقول الخوارزمي لا يغنيان عنه أي لا يحصلان الأكمل ( أو رؤية مبتلى ) في عقله أو بدنه شكر الله سبحانه على سلامته منه لخبر الحاكم { أنه صلى الله عليه وسلم سجد لرؤية زمن } وفي خبر مرسل { أنه سجد لرؤية رجل ناقص خلق ضعيف حركة بالغ قصر } ، وقيل مبتلى وقيل مختلط عقل ويسن لمن رأى مبتلى أن يقول { الحمد لله الذي عافاني وما ابتلاني وفضلني على كثير من خلقه تفضيلا } لخبر الترمذي { من قال ذلك عوفي من ذلك البلاء ما عاش } ( أو ) رؤية ( عاص ) أي كافر أو فاسق متجاهر قال الأذرعي أو مستتر مصر ولو على صغيرة [ ص: 218 ] لأن مصيبة الدين أشد وإنما يسجد لرؤية المبتلى السليم من بلائه وإن كان مبتلى ببلاء آخر فيما يظهر وكذا يقال في العاصي والمراد برؤية أحدهما العلم بوجوده أو ظنه بنحو سماع كلامه ولا يلزم تكرر السجود إلى ما لا نهاية فيمن هو ساكن بإزائه مثلا ؛ لأنا لا نأمره به كذلك إلا إذا لم يوجد ما هو أهم منه يقدم عليه .


