[ ص: 401 ] ( ولو جمع ) أي أراد الجمع ( تقديما ) بأن صلى الأولى بنيته ( فصار بين الصلاتين ) أو قبل فراغ الأولى كما بأصله وعدل عنه لإيهامه وفهمه مما ذكر ( مقيما ) بنحو نية إقامة أو شك فيها ( بطل الجمع ) لزوال سببه فيؤخر الثانية لوقتها والأولى صحيحة ( و ) إذا صار مقيما ( في الثانية و ) مثلها إذا صار مقيما ( بعدها لا يبطل ) الجمع ( في الأصح ) اكتفاء باقتران العذر بأول الثانية صيانة لها عن البطلان بعد الانعقاد ، وإنما منعت الإقامة أثناءها القصر ؛ لأنها تنافيه بخلاف جنس الجمع لجوازه بالمطر وإذا تقرر هذا في أثنائها فبعد فراغها أولى ، ومن ثم كان الخلاف فيه أضعف ( أو ) جمع ( تأخيرا فأقام بعد فراغهما لم يؤثر ) اتفاقا كجمع التقديم وأولى ( و ) إقامته ( قبله ) أي فراغهما ، ولو في أثناء الثانية خلافا لما في المجموع ( يجعل الأولى قضاء ) ؛ لأن الأولى تبع للثانية فاعتبر وجود سبب الجمع في جميع المتبوعة وقضيته أنه لو قدم المتبوعة وأقام أثناء التابعة أنها تكون أداء لوجود العذر في جميع المتبوعة وهو قياس ما مر في جمع التقديم ذكره السبكي واعتمده جمع وخالفه آخرون وفرقوا بين الجمعين بما بينته في شرح الإرشاد
( ويجوز ) [ ص: 402 ] ولو للمقيم ( الجمع ) بين ما مر ومنه الجمعة بدل الظهر ( بالمطر ) ، وإن ضعف بشرط أن يبل الثوب ومنه شفان وهو ريح باردة فيها مطر خفيف ( تقديما ) بشروطه السابقة لخبر الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا جميعا وثمانيا جميعا } ، زاد مسلم من غير خوف ولا سفر قال الشافعي كمالك رضي الله عنهما أرى ذلك لعذر المطر واعترض بروايته أيضا من غير خوف ولا مطر وأجيب بأنها شاذة أو ولا مطر كثير فاندفع أخذ أئمة بظاهرها ( والجديد منعه تأخيرا ) ؛ لأن المطر قد ينقطع فيؤدي إلى إخراج الأولى عن وقتها بغير عذر وفارق السفر بأنه إليه فاشترط العزم عليه عند نية التأخير ، كذا عبر به بعضهم وفيه نظر وصوابه فاشترط عدم عزمه على ضده عند نية التأخير
( وشرط التقديم وجوده ) أي المطر ( أولهما ) أي الصلاتين ليتحقق الجمع مع العذر ( والأصح اشتراطه عند سلام الأولى ) ليتحقق اتصال آخر الأولى بأول الثانية في حالة العذر وقضيته اشتراط امتداده بينهما و هو كذلك وتيقنه له وأنه لا يكفي الاستصحاب وبه صرح القاضي فقال : لو قال لآخر بعد سلامه انظر هل انقطع المطر أو لا بطل جمعه للشك في سببه . ونقله بعضهم عن غير القاضي وعن القاضي خلافه ولعله سهو إن لم يكن القاضي تناقض فيه على أن الإسنوي مال إلى أنه يكفي الاستصحاب وهو القياس [ ص: 403 ] إلا أن يقال : إنه رخصة فلا بد من تحقق سببها ويؤيده ما مر فيما لو شك في انتهاء سفره ( والثلج والبرد كمطر إن ذابا ) وبلا الثوب لوجود ضابطه فيهما حينئذ بخلاف ما إذا لم يذوبا كذلك ومشقتهما نوع آخر لم يرد .
نعم إن كان أحدهما قطعا كبارا يخشى منه جاز الجمع على ما صرح به جمع ( والأظهر تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة بمسجد ) أو بغيره ( بعيد ) عن محله بحيث ( يتأذى ) تأذيا لا يحتمل عادة ( بالمطر في طريقه ) ؛ لأن المشقة إنما توجد حينئذ بخلاف ما إذا انتفى شرط من ذلك كأن كان يصلي ببيته منفردا أو جماعة أو يمشي إلى المصلى في كن أو قرب منه أو يصلي منفردا بالمصلى لانتفاء التأذي فيما عدا الأخيرة والجماعة فيها ولا ينافيه جمعه صلى الله عليه وسلم مع أن بيوت أزواجه بجنب المسجد لأنها كلها لم تكن كذلك بل أكثرها كان بعيدا عنه [ ص: 404 ] فلعله كان فيه حين جمع على أن للإمام أن يجمع بهم ، وإن كان مقيما بالمسجد ولمن اتفق وجود المطر وهو بالمسجد أن يجمع وإلا احتاج إلى صلاة العصر أو العشاء في جماعة وفيه مشقة عليه سواء أقام أم رجع ، ثم أعاد ولا يجوز الجمع بنحو وحل ومرض وقال كثيرون يجوز واختير جوازه بالمرض تقديما وتأخيرا ويراعى الأرفق به ، فإن كان يزداد مرضه كأن كان يحم مثلا وقت الثانية قدمها بشروط جمع التقديم أو وقت الأولى أخرها بنية الجمع وبما أفهمه ما قررته أن المرض موجود وإنما التفصيل بين زيادته وعدمها عادة يندفع ما قيل في كلامهم هذا جواز تعاطي الرخصة قبل وجود سببها اكتفاء بالعادة وقضيته حل الفطر قبل مجيء الحمى بناء على العادة وعلله الحنفية بأنه لو صير لمجيئها لم يستمرئ بالطعام لاشتغال البدن ونظيره ندب الفطر قبل لقاء العدو إذا أضعفه الصوم عن القتال ا هـ وضبط جمع متأخرون المرض هنا بأنه ما يشق معه فعل كل فرض في وقته كمشقة المشي في المطر بحيث تبتل ثيابه ، وقال آخرون لا بد من مشقة ظاهرة زيادة على ذلك بحيث تبيح الجلوس في الفرض وهو الأوجه على أنهما متقاربان كما يعلم مما قدمته في ضابط الثانية .


