( وأن يتزين بأحسن ثيابه ) للحث على ذلك في الخبر الصحيح [ ص: 475 ] وأفضلها الأبيض في كل زمن حيث لا عذر على الأوجه للخبر الصحيح { البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم } ويلي الأبيض ما صبغ قبل نسجه ويكره ما صبغ بعده ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبسه
كذا ذكره جمع متقدمون واعتمده المتأخرون وفيه نظر فإن إطلاق الصحابة للبسه صلى الله عليه وسلم المصبوغ على اختلاف ألوانه يدل على أنه لا فرق وفي حديث اختلف في ضعفه أنه صلى الله عليه وسلم أتي له بعد غسله بملحفة مصبوغة بالورس فالتحف بها قال راويه قيس بن سعد رضي الله عنهما وكأني أنظر أثر الورس على عكنه وهذا ظاهر في أنها مصبوغة بعد النسج بل يأتي قبيل العيد { أنه صلى الله عليه وسلم كان يصبغ ثيابه بالورس حتى عمامته } وهذا صريح فيما ذكرته ( وطيب ) لغير صائم على الأوجه لما في الخبر الصحيح أن الجمع بين الغسل ولبس الأحسن والطيب والإنصات وترك التخطي يكفر ما بين الجمعتين ويسن للخطيب أن يبالغ في حسن الهيئة وفي موضع من الإحياء يكره له لبس السواد أي هو خلاف الأولى وتبعه ابن عبد السلام فقال إدامة لبسه بدعة لكن قضية تعبيره بالإدامة أنه لا بدعة في غيرها ويؤيده ما يأتي
وقول الماوردي ينبغي لبسه يحمل على زمنه من منع العباسيين الخطباء إلا به مستندين فيه لما رواه ابن عدي وأبو نعيم والبيهقي عن جدهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال { مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وإذا معه جبريل وأنا أظنه دحية الكلبي فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم إنه أوضح الثياب وإن ولده يلبسون السواد } ، فإن قلت صح { أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء وأنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء } وفي رواية { دخل مكة يوم الفتح وعليه شقة سوداء } وفي أخرى عند ابن عدي { كان له عمامة سوداء يلبسها في العيدين ويرخيها خلفه } وفي أخرى للطبراني { أنه عمم عليا بعمامة سوداء وأرسله إلى خيبر } ونقل لبس السواد عن كثير من الصحابة والتابعين
قلت هذه كلها وقائع فعلية محتملة فقدم القول وهو الأمر بلبس البياض عليها على أنه ليس فيها لبسه يوم الجمعة بل في نحو الحرب ؛ لأنه أرهب وفيه يوم الفتح الإشارة إلى أن ملته لا تتغير إذ كل لون غيره يقبل التغير وفي العيد لأن الأرفع فيه أفضل من البياض كما يأتي ( وإزالة الظفر ) من يديه ورجليه لا أحدهما [ ص: 476 ] فيكره كلبس نحو نعل أو خف واحدة لغير عذر وشعر نحو إبطه وعانته لغير مريد التضحية في عشر الحجة وذلك للاتباع رواه البزار وقص شاربه حتى تبدو حمرة الشفة وهو المراد بالإحفاء المأمور به في خبر الصحيحين ويكره استئصاله وحلقه ونوزع في الحلق بصحة وروده ولذا ذهب إليه الأئمة الثلاثة على ما قيل ، والذي في مغني الحنابلة أنه مخير بينه وبين القص ونقل الطحاوي عن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه وزفر أن إحفاءه أفضل من قصه ، فإن قلت ما جوابنا عن صحة خبر الحلق قلت هي واقعة فعلية محتملة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقص ما يمكن قصه ويحلق ما لا يتيسر قصه من معاطفه التي يعسر قصها
فإن قلت فهل نقول بذلك قلت قد أشار إليه بعض المتأخرين وله وجه ظاهر إذ به يجتمع الحديثان على قواعدنا فليتعين ؛ لأن الجمع بينهما ما أمكن واجب وحلق الرأس مباح إلا إن تأذى ببقاء شعره أو شق عليه تعهده فيندب وخبر من حلق رأسه أربعين مرة في أربعين أربعاء صار فقيها لا أصل له ، والمعتمد في كيفية تقليم اليدين أن يبدأ بمسبحة يمينه إلى خنصرها ، ثم إبهامها ، ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي والرجلين أن يبدأ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي وخبر من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا قال الحافظ السخاوي هو في كلام غير واحد ولم أجده وأثره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه ونص أحمد على استحبابه ا هـ وكذا مما لم يثبت خبر فرقوها فرق الله همومكم وعلى ألسنة الناس في ذلك وأيامه أشعار منسوبة لبعض الأئمة وكلها زور وكذب وينبغي البدار بغسل محل القلم لأن الحك به قبله يخشى منه البرص ويسن فعل ذلك يوم الخميس أو بكرة يوم الجمعة لورود كل وكره المحب الطبري نتف الأنف قال بل يقصه لحديث فيه قيل بل في حديث أن في بقائه أمانا من الجذام ( والريح ) الكريه ونحوه كالوسخ لئلا يؤذى [ ص: 477 ] وهذه كلها لا تختص بالجمعة بل تسن لكل من أراد الحضور عند الناس لكنها فيها آكد


