( ويستثنى ) من النهي عن بيع وشرط ( صور ) تصح لما يأتي فيها في محالها ( كالبيع بشرط الخيار أو البراءة من العيب أو بشرط قطع الثمر و ) كالبيع بشرط ( الأجل ) في غير الربوي لأول آية الدين وشرطه أن يحدد بمعلوم لهما كإلى العيد أو شهر كذا لا فيه ولا إلى نحو الحصاد كما يأتي في السلم بتفصيله المطرد هنا كما هو ظاهر وأن لا يبعد بقاء الدنيا إليه كألف سنة وإلا أبطل البيع للعلم حال العقد بسقوط بعضه وهو يؤدي إلى الجهل به المستلزم للجهل بالثمن لأن الأجل يقابله قسط منه وقول بعض أصحابنا يجوز إيجار الأرض ألف سنة شاذ لا يعول عليه وإذا صح كان أجله بما لا يبعد بقاء الدنيا إليه وإن بعد بقاء العاقدين إليه كمائتي سنة انتقل بموت البائع لوارثه وحل بموت المشتري ولا يضر السقوط بموته لأنه أمر غير متيقن عند العقد فلم ينظر إليه وإلا لم يصح البيع بأجل طويل لمن يعلم عادة أنه لا يعيش بقية يومه وقد صرحوا بخلافه فاندفع بما قررته ما وقع هنا لكثير من الشراح وغيرهم .
( والرهن ) للحاجة إليه في معاملة من لا يعرف حاله وشرطه العلم به بالمشاهدة أو الوصف بصفات السلم ولا ينافيه ما مر إنها لا تجزئ عن الرؤية لأنه في معين لا موصوف في الذمة وما هنا كذلك فاستويا خلافا لمن وهم فيه وكونه غير المبيع فيفسد [ ص: 298 ] بشرط رهنه إياه ولو بعد قبضه لأنه لا يملكه إلا بعد البيع ولأنه بمنزلة استثناء منفعة في البيع ( والكفيل ) للحاجة إليه أيضا وشرطه العلم به بالمشاهدة ولا نظر إلى أنها لا تعلم بحاله لأن ترك البحث معها تقصير أو باسمه ونسبه لا بوصفه بموسر ثقة لأن الأحرار لا يمكن التزامهم في الذمة مع اختلافهم في الإيفاء وإن اتفقوا يسارا وعدالة فاندفع بحث الرافعي أن الوصف بهذين أولى من مشاهدة من لا يعرف حاله .
وعلم مما تقرر أن الكلام في الأجل والرهن والكفيل ( المعينات ) بما ذكرناه وإلا فسد البيع وغلب غير العاقل لأنه أكثر إذ الأكثر في الرهن أن يكون غير عاقل وأنث نظرا في الأجل إلى أنه مدة و في الرهن إلى أنه عين وفي الكفيل إلى أنه نسمة فاندفع قول الإسنوي صوابه المعينين على أن ما جمع بألف وتاء قد يكون مفرده مذكرا فتصويبه ليس في محله وشرط كل منهما أن يكون ( بثمن في الذمة ) لأن الأعيان لا تؤجل ثمنا ولا مثمنا ولا يرتهن بها ولا تضمن أصالة كما يأتي فاشتريت على أن أسلمه وقت كذا أو أرهن به كذا أو يكلفني به زيد فاسد لأن تلك إنما شرعت لتحصيل ما في الذمة والمعين حاصل ويأتي صحة ضمان العين المبيعة والثمن المعين بعد القبض فيهما وكذا سائر الأعيان المضمونة ولا يرد ذلك عليه للعلم به من كلامه الآتي في الضمان ولا يصح بيعه سلعة من اثنين على أن يتضامنا [ ص: 299 ] لأنه شرط على كل ضمان غيره ولو قال اشتريته بألف على أن يضمنه زيد إلى شهر صح وإذا ضمنه زيد مؤجلا تأجل في حقه وكذا في حق المشتري على أحد وجهين .
ومقتضى قاعدة الشافعي رضي الله عنه أن القيد وهو هنا إلى شهر يرجع لجميع ما قبله وهو بألف ويضمن ترجيحه ويصح شرط الثلاثة أيضا في مبيع في الذمة ولا يرد عليه لأن ذكر الثمن مثال على أنه قد يطلق على ما يشمل المبيع ( والإشهاد ) للأمر به في قوله عز قائلا { وأشهدوا إذا تبايعتم } ( ولا يشترط تعيين الشهود في الأصح ) لثبوت الحق بأي عدول كانوا ومن ثم لو عينهم لم يتعينوا ولو امتنعوا لم يتخير ولا نظر لتفاوت الأغراض بتفاوتهم وجاهة ونحوها لأنه لا يغلب قصده ولا تختلف به المالية اختلافا ظاهرا بخلاف ما مر في الرهن والكفيل .


