( ويجوز أن يستعير شيئا ليرهنه ) إجماعا ، وإن كانت العارية ضمنا كما لو قال لغيره ارهن عبدك على ديني ففعل فإنه كما لو قبضه ورهنه ( وهو ) أي عقد العارية بعد الرهن لا قبله خلافا لما يوهمه بعض العبارات ( في قول عارية ) أي باق على حكمها ، وإن بيع ؛ لأنه قبضه بإذنه لينتفع به ( والأظهر أنه ضمان دين في رقبة ذلك الشيء ) ؛ لأن الانتفاع هنا إنما يحصل بإهلاك العين ببيعها في الدين فهو مناف لوضع العارية ومن ثم صح هنا فيما لا تصح فيه كالنقد ولأن الأعيان كالذمم والضمان يكون بدين وبعين كما يأتي فيه ، وأفهم قوله في رقبته أنه لا يتعلق شيء من الدين بذمة المعير وإذا ثبت أنه ضمان ( فيشترط ذكر جنس الدين وقدره وصفته ) كحلوله وتأجيله وصحته وتكسيره كما في الضمان . نعم في الجواهر لو قال له ارهن عبدي بما شئت صح أن يرهنه بأكثر من قيمته ا هـ .
ويؤيده ما يأتي في العارية [ ص: 61 ] من صحة : انتفع به بما شئت وبه يندفع التنظير فيه بأنه لا بد من معرفة الدين ( وكذا المرهون عنده ) وكونه واحدا أو متعددا ( في الأصح ) لاختلاف الغرض بذلك فإن خالف شيئا من ذلك ولو بأن يعين له زيدا فيرهن من وكيله أو عكسه على ما بحثه بعضهم أو يعين له ولي محجور فيرهن منه بعد كماله بطل كما لو عين له قدرا فزاد لا إن نقص وكما لو استعاره ليرهنه من واحد فرهنه من اثنين أو عكسه ( فلو تلف في يد ) الراهن ضمن ؛ لأنه مستعير الآن اتفاقا أو في يد ( المرتهن فلا ضمان ) عليهما إذ المرتهن أمين ولم يسقط الحق عن ذمة الراهن نعم إن رهن فاسدا ضمن بالتسليم على ما قاله غير واحد ؛ لأن المالك لم يأذن له فيه ولأنه مستعير وهو ضامن ما دام يقبضه عن جهة رهن صحيح ولم يوجد ويلزم من ضمانه تضمين المرتهن لترتب يده على يد ضامنه ويرجع عليه إن لم يعلم الفساد وكونها مستعارة .
وأفتى بعضهم بعدم ضمانه محتجا بأنه إذا بطل الخصوص وهو التوثقة هنا لا يبطل العموم وهو إذن المالك بوضعها تحت يد المرتهن وبإفتاء الجلال البلقيني في وكيل برهن بألف رهنه بألف وخمسمائة بعدم ضمانه ؛ لأنه لم يتعد في عين الرهن وفي مستأجر شيء فاسدا آجره جاهلا بالفساد بأن الثاني لا يضمن وتردد في ضمان الأول فإذا لم يضمن الثاني مع أن المالك لم يأذن صريحا بوضعه تحت يده فالمرتهن في مسألتنا أولى ؛ لأن المالك أذن في وضعه تحت يده ويرد بأنه لم أذن في وضعه تحت يده إلا بعقد صحيح ولم يوجد فالوجه ضمان المرتهن كما تقرر وأن ما قاله الجلال فيه نظر واضح ( ولا رجوع للمالك ) فيه ( بعد [ ص: 62 ] قبض المرتهن ) وإلا لغت فائدة هذا الرهن بخلافه قبل قبضه لعدم لزومه ( فإن حل الدين أو كان حالا ورجع المالك للبيع ) ؛ لأنه قد يفدي ملكه .
( ويباع إن لم يقض ) بضم أوله ( الدين ) من جهة الراهن أو المالك أو غيرهما كمتبرع أي يبيعه الحاكم ، وإن لم يأذن المالك ولو أيسر الراهن كما يطالب ضامن الذمة ، وإن أيسر الأصيل ( ثم ) بعد بيعه ( يرجع المالك ) على الراهن ( بما بيع به ) ؛ لأنه لم يقض من الدين غيره زاد ما بيع به عن القيمة أو نقص عنها لكن بما يتغابن به إذ بيع الحاكم لا يمكن فيه أقل من ذلك .
( تنبيه ) ألغز شارح فقال لنا مرهون يصح بيعه جزما بغير إذن المرتهن وصورته استعار شيئا ليرهنه بشروطه ففعل ثم اشتراه المستعير من المعير بغير إذن المرتهن وهذا الذي جزم به احتمال للبلقيني تردد بينه وبين مقابله من عدم الصحة ورجح هذا جمع ولم يبالوا بما قيل إن الجرجاني صرح بالأول لكن الحق أنه الأوجه ؛ لأن شراءه لا يضر المرتهن بل يؤكد حقه ؛ لأنه كان يحتاج لمراجعة المعير وربما عاقه ذلك وبشراء الراهن ارتفع ذلك ولو حكم شافعي برهن ثم استعاده الراهن فأفلس أو مات فحكم مخالف يرى قسمته بين الغرماء بها نفذ إن كان من مذهبه بطلانه بقبض الراهن حين أفلس أو مات بعد صحته ؛ لأن هذه قضية طرأت لم يتناولها حكم الشافعي لاتفاقهما على الصحة أو لا ذكره أبو زرعة وإنما يتجه إن حكم شافعي بالصحة أما إذا حكم بموجبه فيتناول ذلك ؛ لأنه مفرد مضاف فيعم الآثار الموجودة والتابعة .


