( ومن صلى ) فرضا ، أو نفلا ( في ) داخل ( الكعبة ) من كعبته ربعته ، والكعبة كل بيت مربع كذا في القاموس وفي كلامهم أن إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم بنى الكعبة مربعة ولا ينافيه اختلاف بعد ما بين أركانها ؛ لأنه قليل لا ينافي التربيع وهذا أعني أن سبب تسميتها كعبة تربيعها أوضح من جعل سببها ارتفاعها كما سمي كعب الرجل بذلك لارتفاعه وأصوب من جعله استدارتها إلا أن يريد قائله بالاستدارة التربيع مجازا أو يكون أخذ الاستدارة في الكعب سببا لتسميته لكنه مخالف لكلام أئمة اللغة ( واستقبل جدارها ، أو بابها ) حال كونه ( مردودا ) وإن لم ترتفع عتبته [ ص: 494 ] إن سامت بعض الباب كما هو ظاهر
( أو ) حال كونه ( مفتوحا ) لكن ( مع ارتفاع عتبته ثلثي ذراع ) بذراع الآدمي تقريبا ( أو ) صلى ( على سطحها ) ، أو في عرصتها ( الكعبة ) لو انهدمت ، والعياذ بالله تعالى ( مستقبلا من بنائها ) ، أو ما ألحق به كعصا مسمرة ، أو ثابتة وشجرة ثابتة وتراب منها مجتمع ( ما سبق جاز ) لتوجهه إلى جزء من البيت وإن بعد عنه ، أكثر من ثلاثة أذرع ، أو خرج بعض بدنه عن هواء الشاخص ؛ لأنه متوجه ببعضه جزءا وبباقيه هواءها لكن تبعا فلا ينافيه ما يأتي وقضية كلامهم أن الشجرة الجافة هنا كالرطبة وحينئذ فيشكل بما يأتي في الأصول ، والثمار أنها لا تكون مثلها إلا إن عرش عليها مثلا ويجاب بأن الثبوت يختلف عرفا المراد به هنا وثم ألا ترى أنه ثم في الوتد بمجرد الغرور هنا بزيادة الثبوت فإن قلت [ ص: 495 ] هذا مقو للإشكال قلت لا ؛ لأن الملحظ هنا ثبوت يصيره كالجزء في الشرف ، واليابسة فيها ذلك بزيادة ؛ لأنها ليست أجنبية بخلاف الوتد المغروز وثم ثبوت يصيره كالجزء المنتفع به بالقوة ، أو بالفعل ، والوتد كذلك بخلاف اليابسة التي ليس عليها نحو تعريش ونقل بعضهم اشتراط وقف نحو العصا الثابتة وقد يؤيده ما قررته من الفرق لكن ظاهر كلامهم خلافه ويوجه بأنه يعد منها باعتبار الظاهر وإن استحق الإزالة من وجه آخر وصح { أنه صلى الله عليه وسلم صلى فيها النفل } ورواية { لم يصل فيها } أي في مرة أخرى كما صح إذ المثبت مقدم على النافي وإذا ثبت جواز النفل فيها جاز له الفرض أيضا إذ لا فارق بين الاستقبال فيهما في الحضر ومن ثم لم يراعوا خلاف المانع فيهما لكنه ظاهر في النفل لصريح المخالفة فيه دون الفرض ؛ لأن القياس المذكور قابل للمنع بأن النفل اغتفر فيه حصرا أيضا ما لم يغتفر في الفرض إلا أن يجاب بأن الأصل استواء الفرض ، والنفل في الشروط إلا إذا ورد دليل بالفرق
ولم يرد هنا وأيضا فعلة المنع لم تتضح وما لم تتضح العلة فيه لا بد من نص صريح فيه إذ الأمور التعبدية لا تثبت إلا بالنصوص الصريحة فكان الخلاف فيه ضعيف المدرك جدا وما ضعف مدركه كذلك لا يراعى ، بلالنفل داخلها أفضل منه ببقية المسجد ( الكعبة ) بخلاف البيت فإنه فيه أفضل منه حتى من الكعبة كما شمله الحديث ، بل نقل الإجماع على أنه فيه أفضل منه في غيره حتى المسجد الحرام ، وكذاك الفرض أفضل في الكعبة إلا إذا رجا جماعة خارجها ؛ لأن الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمحلها أما إذا لم يستقبل ما ذكر فلا يصح ؛ لأنه صلى فيه لا إليه وإنما جاز استقبال هوائها لمن هو خارجها ( الكعبة ) هدمت ، أو وجدت ؛ لأنه يسمى عرفا مستقبلا لها بخلاف من فيها ؛ لأنه في هوائها فلا يسمى عرفا مستقبلا له فاندفع ما شنع به بعض الحنفية غفلة عن رعاية العرف المناط به ضابط الاستقبال اتفاقا


