( كتاب السير )  [ ص: 211 ] جمع سيرة وهي الطريقة  ،  والمقصود منها هنا أصالة الجهاد  ،  وإن جزم الزركشي  بأن وجوبه وجوب الوسائل لا المقاصد  ؛  إذ المقصود منه الهداية  ،  ومن ثم لو أمكنت بإقامة الدليل كانت أولى منه  ،  وقوله : الهداية لا يرد عليه أنهم لو بذلوا الجزية لزم قبولها  ؛  لأن هذا خاص بمن يقبل منه على أن هدايتهم لا سيما على العموم بمجرد إقامة الدليل نادرة جدا  ،  بل محال عادة فلم ينظروا إليها وكأن الجهاد مقصود لا وسيلة  ،  كما هو ظاهر كلامهم وترجمه بذلك لاشتماله على الجهاد  ،  وما يتعلق به الملتقى تفصيل أحكامه من سيرته صلى الله عليه وسلم في غزواته . 
وهي سبع وعشرون غزوة قاتل في ثمان منها بنفسه   : بدر  وأحد  والمريسيع  والخندق  وقريظة  وخيبر  وحنين  والطائف  ،  وبعث صلى الله عليه وسلم سبعا وأربعين سرية  ،  وهي : من مائة إلى خمسمائة فما زاد منسر بنون فسين مهملة إلى ثمانمائة  ،  فما زاد جيش إلى أربعة آلاف  ،  فما زاد جحفل  ،  والخميس الجيش العظيم وفرقة السرية سمي بعثا  ،  والكتيبة ما اجتمع ولم ينتشر وكان أول بعوثه صلى الله عليه وسلم على رأس سبعة أشهر في رمضان  ،  وقيل : في شهر ربيع الأول سنة ثنتين من الهجرة . والأصل فيه  الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة الشهيرة  ،  وأخذ منها  ابن أبي عصرون  أنه أفضل الأعمال بعد الإيمان  ،  واختاره الأذرعي  وذكر أحاديث صحيحة مصرحة بذلك أولها الأكثرون بحملها على خصوص السائل أو المخاطب أو الزمن . ( كان الجهاد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )  [ ص: 212 ] قبل الهجرة  ممتنعا  ؛  لأن الذي أمر به صلى الله عليه وسلم أول الأمر هو التبليغ والإنذار والصبر على أذى الكفار تألفا لهم  ،  ثم بعدها أذن الله تعالى للمسلمين في القتال بعد أن نهى عنه في نيف وسبعين آية إذا ابتدأهم الكفار به فقال : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم .    } وصح عن الزهري  أول آية نزلت في الإذن فيه {    : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا    } أي : أذن لهم في القتال بدليل يقاتلون  ،  ثم أباح الابتداء به في غير الأشهر الحرم بقوله : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم    } الآية . ثم في السنة الثامنة بعد الفتح أمر به على الإطلاق بقوله { انفروا خفافا وثقالا    } { وقاتلوا المشركين كافة    }  ،  وهذه هي آية السيف  ،  وقيل : التي قبلها  ،  وقيل : هما إذا تقرر ذلك فهو من حين الهجرة كان ( فرض كفاية )  ،  لكن على التفصيل المذكور إجماعا بالنسبة لفرضيته  ؛  ولأنه تعالى فاضل بين المجاهدين والقاعدين  ،  ووعد كلا الحسنى بقوله {    : لا يستوي القاعدون    } الآية  ،  والعاصي لا يوعد بها ولا يفاضل بين مأجور ومأزور ( تنبيه ) 
ما حملت عليه إطلاقه هو الوجه الذي دل عليه النقل  ،  وأما ما اقتضاه صنيع شيخنا  في شرح منهجه أنه من حين الهجرة كان يجب كل سنة فبعيد مخالف لكلامهم  ،  ( وقيل : فرض عين ) لقوله تعالى { إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما    }  ،  والقاعدون في الآية كانوا حراسا  ،  وردوه بأن ذلك الوعيد لمن عينه صلى الله عليه وسلم لتعين الإجابة حينئذ أو عند قلة المسلمين  ،  وبأنه لو تعين مطلقا لتعطل المعاش 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					