وأنه هو رب الشعرى   هي ( الشعرى ) العبور بفتح العين المهملة والباء الموحدة والراء المهملة بعد الواو ، وتقال ( الشعرى )أيضا على الغميصاء بغين معجمة مضمومة وميم مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية وصاد مهملة ومد ، والأولى في الجوزاء ، وإنما قيل لها العبور لأنها عبرت المجرة فلقيت سهيلا ولأنها تراه إذا طلع كأنها ستعبر وتسمى أيضا كلب الجبار لأنها تتبع الجوزاء المسماة بالجبار كما تتبع الكلب الصائد أو الصيد ، والثانية في ذراع الأسد المبسوطة ، وإنما قيل لها الغميصاء لأنها بكت من فراق سهيل فغمصت عينها ، والغمص ما سال من الرمص وهو وسخ أبيض يجتمع في الموق ، وذلك من زعم العرب أنهما أختا سهيل  ، وفي القاموس من أحاديثهم أن الشعرى العبور قطعت المجرة فسميت عبورا وبكت الأخرى على أثرها حتى غمصت ويقال لها الغموص أيضا ، وقيل : زعموا أن سهيلا   ( والشعرى ) كانا زوجين فانحدر سهيل وصار يمانيا فاتبعه الشعرى فعبرت المجرة فسميت العبور وأقامت الغميصاء وسميت بذلك لأنها دون الأولى ضياء ، وكل ذلك من تخيلاتهم الكاذبة التي لا حقيقة لها ، والمتبادر عند الإطلاق وعدم الوصف العبور لأنها أكبر جرما وأكثر ضياء وهي التي عبدت من دون الله سبحانه في الجاهلية . قال  السدي   : عبدتها حمير  وخزاعة  ، وقال غيره : أول من عبدها أبو كبشة  رجل من خزاعة  ، أو هو سيدهم  [ ص: 70 ] واسمه وخز بن غالب  وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ابن أبي كبشة  شبهوه به لمخالفته قومه في عبادة الأصنام ، وذكر بعضهم أنه أحد أجداده عليه الصلاة والسلام من قبل أمه وأنهم كانوا يزعمون أن كل صفة في المرء تسري إليه من أحد أصوله فيقولون نزع إليه عرق كذا ، وعرق الخال نزاع ، وقيل : هو كنية وهب بن عبد مناف  جده صلى الله تعالى عليه وسلم من قبل أمه ، وقولهم له عليه الصلاة والسلامذلك على ما يقتضيه ظاهر القاموس لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم في الشبه الخلقي دون المخالفة ، وقيل : كنية زوج حليمة السعدية  مرضعته عليه الصلاة والسلام ، وقيل : كنية عم ولدها ولكونها عبدت من دونه عز وجل خصت بالذكر ليكون ذلك تجهيلا لهم بجعل المربوب ربا ، ولمزيد الاعتناء بذلك جيء بالجملة على ما نطق به النظم الجليل . 
ومن العرب من كان يعظمها ويعتقد تأثيرها في العالم ويزعمون أنها تقطع السماء عرضا وسائر النجوم تقطعها طولا ويتكلمون على المغيبات عند طلوعها ففي قوله تعالى : وأنه هو رب الشعرى  إشارة إلى نفي تأثيرها . وأنه أهلك عادا الأولى   أي القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح  كما قاله  ابن زيد  والجمهور ، وقال  الطبري   : وصفت بالأولى لأن في القبائل عادا  أخرى وهي قبيلة كانت بمكة  مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال  ، وقال  المبرد   : عاد  الأخرى هي ثمود  ، وقيل : الجبارون ، وقيل : عاد  الأولى ولد عاد بن إرم بن عوف بن سام بن نوح  ، وعاد  الأخرى من ولد عاد  الأولى ، وفي الكشاف ( الأولى ) قوم هود  والأخرى إرم والله تعالى أعلم . 
وجوز أن يراد بالأولى المتقدمون الأشراف : وقرأ قوم عاد  الولى بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى اللام قبلها ، وقرأ  نافع  وأبو عمر  و عادالولى بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة ، وعاب هذه القراءة  المازني   والمبرد  ، وقالت العرب : في الابتداء بعد النقل - الحمر ، ولحمر - فهذه القراءة جاءت على لحمر فلا عيب فيها ، وأتى قالونبعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو كما في قوله : 
أحب الموقدين إلي مؤسى وكما قرأ بعضهم - على سؤقه - وفيه شذوذ ، وفي حرف  أبي  عاد غير مصروف للعلمية والتأنيث ومن صرفه فباعتبار الحي ، أو عامله معاملة هند لكونه ثلاثيا ساكن الوسط 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					