قوله عز وجل : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء قال قتادة : من نساء هذه الأمة .
إن اتقيتن قال مقاتل : إنكن أحق بالتقوى من سائر النساء .
فلا تخضعن بالقول فيه ستة أوجه :
أحدها : معناه فلا ترققن بالقول .
الثاني : فلا ترخصن بالقول ، قاله ابن عباس .
الثالث : فلا تلن القول ، قاله الفراء .
[ ص: 399 ] الرابع : لا تتكلمن بالرفث ، قاله الحسن . قال متمم :
ولست إذا ما أحدث الدهر نوبة . . . عليه بزوار القرائب أخضعا
الخامس : هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب .
السادس : هو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال ، قاله ابن زيد .
فيطمع الذي في قلبه مرض فيه قولان :
أحدهما : أنه شهوة الزنى والفجور ، قاله عكرمة والسدي .
الثاني : أنه النفاق ، قاله قتادة . وكان أكثر من تصيبه الحدود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم المنافقون .
وقلن قولا معروفا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : صحيحا ، قاله الكلبي .
الثاني : عفيفا ، قاله الضحاك .
الثالث : جميلا .
قوله عز وجل : وقرن في بيوتكن قرئت على وجهين :
أحدهما : بفتح القاف ، قرأها نافع وعاصم ، وتأويلها اقررن في بيوتكن ، من القرار في مكان .
الثانية : بكسر القاف : قرأها الباقون ، وتأويلها كن أهل وقار وسكينة .
ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وفيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه التبختر ، قاله ابن أبي نجيح .
الثاني : كانت لهن مشية تكسر وتغنج ، فنهاهن عن ذلك ، قاله قتادة ، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (المائلات المميلات : اللائي يستملن قلوب الرجال إليهن) .
الثالث : أنه كانت المرأة تمشي بين يدي الرجل ، فذلك هو التبرج ، قاله مجاهد .
[ ص: 400 ] الرابع : هو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده ليواري قلائدها وعنقها وقرطها ، ويبدو ذلك كله منها ، فذلك هو التبرج ، قال مقاتل بن حيان .
الخامس : أن تبدي من محاسنها ما أوجب الله تعالى عليها ستره ، حكاه النقاش وأصله من برج العين وهو السعة فيها .
وفي الجاهلية الأولى أربعة أقاويل :
أحدها : ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام ، قاله الشعبي وابن أبي نجيح .
الثاني : زمان إبراهيم ، قاله مقاتل والكلبي ، وكانت المرأة في ذلك الزمان تلبس درعا مفرجا ليس عليها غيره وتمشي في الطريق ، وكان زمان نمرود .
الثالث : أنه ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة ، وكان نساؤهم أقبح ما تكون النساء ، ورجالهم حسان ، وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها ، فهو تبرج الجاهلية الأولى : قاله الحسن .
الرابع : أنه ما بين نوح وإدريس . روى عكرمة عن ابن عباس أن الجاهلية الأولى كانت ألف سنة . وفيه قولان :
أحدهما : أنه كانت المرأة في زمانها تجمع زوجا وخلما ، والخلم الصاحب ، فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخلمها نصفها الأعلى ، ولذلك يقول بعض الخلوم
فهل لك في البدال أبا خبيب فأرضى بالأكارع والعجوز
الثاني : وهو مبدأ الفاحشة ، وهو أن بطنين من بني آدم كان أحدهما يسكن السهل ، والآخر يسكن الجبل ، وكان رجال الجبل صباحا وفي النساء دمامة ، وأن إبليس اتخذ لهم عيدا فاختلط أهل السهل بأهل الجبل فظهرت الفاحشة فيهم ، فهو تبرج الجاهلية الأولى .
قوله عز وجل : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وفي الرجس ها هنا ستة أقاويل :
أحدها : الإثم ، قاله السدي .
الثاني : الشرك ، قاله الحسن .
[ ص: 401 ] الثالث : الشيطان ، قاله ابن زيد .
الرابع : المعاصي .
الخامس : الشك .
السادس : الأقذار . وفي قوله تعالى أهل البيت - ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه عنى عليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، قاله أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم .
الثاني : أنه عنى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، قاله ابن عباس وعكرمة .
الثالث : أنها في الأهل والأزواج ، قاله الضحاك .
ويطهركم تطهيرا فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : من الإثم ، قاله السدي .
الثاني : من السوء ، قاله قتادة .
الثالث : من الذنوب ، قاله الكلبي ، ومعانيها متقاربة .
وفي تأويل هذه الآية لأصحاب الخواطر ثلاثة أوجه :
أحدها : يذهب عنكم رجس الأهواء والتبرج ويطهركم من دنس الدنيا والميل إليها .
الثاني : يذهب عنكم رجس الغل والحسد ، ويطهركم بالتوفيق والهداية .
الثالث : يذهب عنكم رجس البخل والطمع ويطهركم بالسخاء والإيثار ، روى أبو ليلى الكندي عن أم سلمة أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيتها على منام له ، عليه كساء خيبري .
قوله عز وجل : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله قال قتادة : القرآن .
والحكمة فيها وجهان :
أحدهما : السنة ، قاله قتادة .
الثاني : الحلال والحرام والحدود ، قاله مقاتل .
[ ص: 402 ] إن الله كان لطيفا خبيرا قال عطية العوفي : لطيفا باستخراجها خبيرا بموضعها .


