قوله عز وجل: يطاف عليهم بكأس من معين أي من خمر معين وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الجاري; قاله الضحاك .
الثاني: الذي لا ينقطع ، حكاه جويبر.
الثالث: أنه الذي لم يعصر، قاله سعيد بن أبي عروبة.
ويحتمل رابعا: أنه الخمر بعينه الذي لم يمزج بغيره.
وفي المعين من الماء خمسة أوجه:
أحدها: أنه الظاهر للعين ، قاله الكلبي .
الثاني: ما مدته العيون فاتصل ولم ينقطع ، قاله الحسن .
الثالث: أنه الشديد الجري من قولهم أمعن في كذا إذا اشتد دخوله فيه.
الرابع: أنه الكثير مأخوذ من المعين وهو الشيء الكثير.
[ ص: 47 ] الخامس: أنه المنتفع به مأخوذ من الماعون ، قاله الفراء.
بيضاء لذة للشاربين يعني أن خمر الجنة بيضاء اللون ، وهي في قراءة ابن مسعود "صفراء".
ويحتمل أن تكون بيضاء الكأس صفراء اللون فيكون اختلاف لونهما في منظرهما قال الشاعر:
فكأن بهجتها وبهجة كأسها نار ونور قيدا بوعاء.
قوله عز وجل: لا فيها غول فيه خمسة تأويلات:أحدها: أي ليس فيها صداع، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .
الثاني: ليس فيها وجع البطن، قاله مجاهد .
الثالث: ليس فيها أذى، قاله الفراء وعكرمة وهذه الثلاثة متقاربة لاشتقاق الغول من الغائلة.
الرابع: ليس فيها إثم، قاله الكلبي .
الخامس: أنها لا تغتال عقولهم، قاله السدي وأبو عبيدة ، ومنه قول الشاعر:
وهذا من الغيلة أن يصرع واحد واحدا
أحدها: لا تنزف العقل ولا تذهب الحلم بالسكر، قاله عطاء، ومنه قول الشاعر:
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
الثالث: أي لا تفنى مأخوذ من نزف الركية، قاله أبو عمرو بن العلاء، ومنه قول الشاعر:
[ ص: 48 ]
دعيني لا أبا لك أن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي
قوله عز وجل: وعندهم قاصرات الطرف عين يعني بقاصرات الطرف النساء اللاتي قصرن أطرافهن على أزواجهن فلا يردن غيرهم مأخوذ من قولهم: قد اقتصر على كذا إذا اقتنع به وعدل عن غيره ، قال امرؤ القيس:
من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الخد منها لأثرا
أحدهما: الحسان العيون ، قاله مجاهد ومقاتل.
الثاني: العظام الأعين ، قاله الأخفش وقطرب.
كأنهن بيض مكنون
فيه وجهان:
أحدهما: يعني اللؤلؤ في صدفه ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر:
وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغوا ص ميزت من جوهر مكنون
وفي تشبيههم بالبيض المكنون أربعة أوجه:
أحدها: تشبيها ببيض النعام يكن بالريش من الغبار والريح فهو أبيض إلى الصفرة، قاله الحسن .
الثاني: تشبيها ببطن البيض إذا لم تمسه يد، قاله سعيد بن جبير .
[ ص: 49 ] الثالث: تشبيها ببياض البيض حين ينزع قشره، قاله السدي .
الرابع: تشبيها بالسحاء الذي يكون بين القشرة العليا ولباب البيض ، قاله عطاء.


