ولو تقول علينا بعض الأقاويل أي تكلف علينا بعض الأكاذيب ، حكاه عن كفار قريش أنهم قالوا ذلك في النبي صلى الله عليه وسلم . لأخذنا منه باليمين فيه خمسة تأويلات : أحدها : لأخذنا منه قوته كلها ، قاله الربيع .
الثاني : لأخذنا منه بالحق ، قاله السدي والحكم ، ومنه قول الشاعر
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
اي بالاستحقاق .
الثالث : لأخذنا منه بالقدرة ، قاله مجاهد .
الرابع : لقطعنا يده اليمنى ، قاله الحسن .
[ ص: 87 ]
الخامس : معناه لأخذنا بيمينه إذلالا له واستخفافا به ، كما يقال لما يراد به الهوان ، خذوا بيده ، حكاه أبو جعفر الطبري . ثم لقطعنا منه الوتين فيه أربعة أقاويل : أحدها : أنه نياط القلب ويسمى حبل القلب ، وهو الذي القلب معلق به ، قاله ابن عباس .
الثاني : أنه القلب ومراقه وما يليه ، قاله محمد بن كعب .
الثالث : أنه الحبل الذي في الظهر ، قاله مجاهد .
الرابع : أنه عرق بين العلباء والحلقوم ، قاله الكلبي . وفي الإشارة إلى قطع ذلك وجهان :
أحدهما : إرادة لقتله وتلفه ، كما قال الشاعر
إذا بلغتني وحملت رحلي عرابة فاشربي بدم الوتين
الثاني : ما قاله عكرمة أن الوتين إذا قطع لا إن جاع عرق ، ولا إن شبع عرق . وإنه لتذكرة للمتقين يعني القرآن ، وفي التذكرة أربعة أوجه :
أحدها : رحمة .
الثاني : ثبات .
الثالث : موعظة .
الرابع : نجاة . وإنا لنعلم أن منكم مكذبين قال الربيع : يعني بالقرآن . وإنه يعني القرآن . لحسرة على الكافرين يعني ندامة يوم القيامة . ويحتمل وجها ثانيا : أن يزيد حسرتهم في الدنيا حين لم يقدروا على معارضته عند تحديهم أن يأتوا بمثله .
[ ص: 88 ]
وإنه لحق اليقين فيه وجهان :
أحدهما : أي حقا ويقينا ليكونن الكفر حسرة على الكافرين يوم القيامة ، قاله الكلبي .
الثاني : يعني القرآن عند جميع الخلق أنه حق ، قال قتادة : إلا أن المؤمن أيقن به في الدنيا فنفعه ، والكافر أيقن به في الآخرة فلم ينفعه . فسبح باسم ربك العظيم فيه وجهان :
أحدهما : فصل لربك ، قاله ابن عباس .
الثاني : فنزهه بلسانك عن كل قبيح .


