ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون   
قوله تعالى: ولقد آتينا موسى الكتاب  يعني التوراة. وقفينا من بعده بالرسل  والتقفية: الإتباع، ومعناه: وأتبعنا، يقال: استقفيته إذا جئت من خلفه، وسميت قافية الشعر قافية لأنها خلفه. وآتينا عيسى ابن مريم البينات  وفيها ثلاثة أقاويل:  [ ص: 156 ] 
أحدها: أن البينات الحجج. والثاني: أنها الإنجيل. والثالث: وهو قول  ابن عباس  ، أن البينات التي أوتيها عيسى  إحياء الموتى، وخلقه من الطين كهيئة الطير، فيكون طيرا بإذن الله، وإبراء الأسقام. وأيدناه بروح القدس  فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن روح القدس الاسم الذي يحيي به عيسى  الموتى، وهذا قول  ابن عباس   . والثاني: أنه الإنجيل، سماه روحا، كما سمى الله القرآن روحا في قوله تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا  والثالث: وهو الأظهر، أنه جبريل  عليه السلام، وهذا قول  الحسن   وقتادة  ،  والربيع،   والسدي  ،  والضحاك.  واختلفوا في تسمية جبريل  بروح القدس،  على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه سمي روحا، لأنه بمنزلة الأرواح للأبدان، يحيي بما يأتي به من البينات من الله عز وجل. والثاني: أنه سمي روحا، لأن الغالب على جسمه الروحانية، لرقته، وكذلك سائر الملائكة، وإنما يختص به جبريل  تشريفا. والثالث: أنه سمي روحا، لأنه كان بتكوين الله تعالى له روحا من عنده من غير ولادة. والقدس فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: هو الله تعالى، ولذلك سمي عيسى  عليه السلام روح القدس، لأن الله تعالى كونه من غير أب، وهذا قول  الحسن   والربيع   وابن زيد   . قال  ابن زيد:  القدس والقدوس واحد. والثاني: هو الطهر، كأنه دل به على التطهر من الذنوب. والثالث: أن القدس البركة، وهو قول  السدي.   [ ص: 157 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					