وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين
قوله عز وجل: وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فيه قولان: أحدهما: يعني للذي علم أنه ناج ، فعبر عن العلم بالظن ، قاله ابن شجرة.
الثاني: أنه ظن ذلك من غير يقين. وفي ظنه وجهان: أحدهما: لأن عبارة الرؤيا بالظن فلذلك لم يقطع به ، قاله قتادة .
الثاني: أنه لم يتيقن صدقهما في الرؤيا فكان الظن في الجواب لشكه في صدقهما.
[ ص: 40 ] اذكرني عند ربك أي عند سيدك يعني الملك الأكبر الوليد بن الريان تأميلا للخلاص إن ذكره عنده. فأنساه الشيطان ذكر ربه فيه قولان: أحدهما: أن الذي نجا منهما أنساه الشيطان ذكر يوسف عند سيده حتى رأى الملك الرؤيا . قاله محمد بن إسحاق.
الثاني: أن يوسف أنساه الشيطان ذكر ربه في الاستغاثة به والتعويل عليه. روى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قال: اذكرني عند ربك ما لبث في السجن ما لبث ) . فلبث في السجن بضع سنين قال ابن عباس: عوقب يوسف بطول السجن بضع سنين لما قال للذي نجا منهما اذكرني عند ربك ، ولو ذكر يوسف ربه لخلصه. وفي (البضع) أربعة أقاويل: أحدها: من ثلاث إلى سبع ، وهذا قول أبي بكر الصديق وقطرب.
الثاني: من ثلاث إلى تسع ، قاله مجاهد والأصمعي.
الثالث: من ثلاث إلى عشر ، قاله ابن عباس .
الرابع: ما بين الثلاث إلى الخمس ، حكاه الزجاج. قال الفراء: والبضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين ، ولا يذكر بعد المائة. وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجونا ثلاثة أقاويل: أحدها: سبع سنين ، قاله ابن جريج وقتادة.
الثاني: أنه لبث اثنتي عشرة سنة ، قاله ابن عباس .
الثالث: لبث أربعة عشرة سنة ، قاله الضحاك ، وإنما البضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله.
[ ص: 41 ] وقال وهب: حبس يوسف سبع سنين ، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين. قال الكلبي: حبس سبع سنين بعد الخمس السنين التي قال فيها اذكرني عند ربك


