[ ص: 303 ] قوله عز وجل: وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر هذا وإن كان خارجا مخرج التخيير فهو على وجه التهديد والوعيد ، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم لا ينفعون الله بإيمانهم ولا يضرونه بكفرهم.
الثاني: فمن شاء الجنة فليؤمن ، ومن شاء النار فليكفر ، قاله ابن عباس .
الثالث: فمن شاء فليعرض نفسه للجنة بالإيمان ، ومن شاء فليعرض نفسه للنار بالكفر. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن سرادقها حائط من النار يطيف بهم ، قاله ابن عباس .
الثاني: هو دخانها ولهيبها قبل وصولهم إليها ، وهو الذي قال الله تعالى فيه إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب [المرسلات: 30 - 31] . قاله قتادة .
الثالث: أنه البحر المحيط بالدنيا. روى يعلى بن أمية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (البحر هو جهنم) ثم تلا نارا أحاط بهم سرادقها ثم قال (والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة) . والسرادق فارسي معرب ، وأصله سرادر. وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه القيح والدم ، قاله مجاهد .
الثاني: دردي الزيت ، قاله ابن عباس .
الثالث: أنه كل شيء أذيب حتى انماع; قاله ابن مسعود.
الرابع: هو الذي قد انتهى حره ، قاله سعيد بن جبير ، قال الشاعر:
شاب بالماء منه مهلا كريها ثم عل المتون بعد النهال
وجعل ذلك إغاثة لاقترانه بذكر الاستغاثة. بئس الشراب وساءت مرتفقا في المرتفق أربعة تأويلات: أحدها: معناه مجتمعا ، قاله مجاهد ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة.
[ ص: 304 ] الثاني: منزلا قاله الكلبي ، مأخوذ من الارتفاق.
الثالث: أنه من الرفق.
الرابع: أنه من المتكأ مضاف إلى المرفق ، ومنه قول أبي ذؤيب:
نام الخلي وبت الليل مرتفقا كأن عيني فيها الصاب مذبوح


