قوله تعالى : قل ما كنت بدعا من الرسل   الآية . أخرج  ابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  وابن مردويه،  عن  ابن  [ ص: 313 ] عباس :  قل ما كنت بدعا من الرسل  يقول : لست بأول الرسل، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم   . فأنزل الله بعد هذا : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر   [الفتح : 2] وقوله : ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات  الآية [الفتح : 5] فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعا . 
وأخرج  عبد بن حميد،   وابن جرير  عن  مجاهد :  قل ما كنت بدعا من الرسل  قال : ما كنت بأولهم . 
وأخرج  عبد بن حميد،   وابن جرير  عن  قتادة :  قل ما كنت بدعا من الرسل  قال : يقول : قد كانت الرسل قبله . 
وأخرج  ابن المنذر  عن عطية  في قوله : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم  قال : هل يترك بمكة  أو يخرج منها . 
وأخرج  أبو داود  في "ناسخه"، من طريق  عكرمة،  عن  ابن عباس  في قوله : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم  قال : نسختها هذه الآية التي في "الفتح"، فخرج إلى الناس، فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله، قد علمنا الآن ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله في الأحزاب : وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا   [ ص: 314 ]  [الأحزاب : 47] . وقال : ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم   [الفتح : 5] فبين الله ما به يفعل به وبهم . 
وأخرج  ابن جرير  عن  عكرمة   والحسن  مثله . 
وأخرج  أحمد،   والبخاري،   والنسائي،   وابن مردويه،  عن أم العلاء   - وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : لما مات  عثمان بن مظعون  قلت : رحمة الله عليك  أبا السائب،  شهادتي عليك لقد أكرمك الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، والله ما أدري - وأنا رسول الله - ما يفعل بي ولا بكم . قالتأم العلاء :  فوالله لا أزكي بعده أحدا . 
وأخرج  الطبراني،   وابن مردويه،  عن  ابن عباس  قال : لما مات  عثمان بن مظعون  قالت امرأته أو امرأة : هنيئا لك ابن مظعون  الجنة . فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر مغضب، وقال : وما يدريك؟ والله إني لرسول الله وما أدري ما يفعل بي . قال : وذلك قبل أن ينزل : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر   [الفتح : 2] فقالت : يا رسول الله، صاحبك وفارسك وأنت أعلم . 
 [ ص: 315 ] فقال : أرجو له رحمة ربه، وأخاف عليه ذنبه . 
وأخرج  ابن حبان  ،  والطبراني  عن  زيد بن ثابت  أن  عثمان بن مظعون  لما قبر قالت أم العلاء :  طب  أبا السائب  نفسا إنك في الجنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك؟ قالت : يا رسول الله،  عثمان بن مظعون!  قال : أجل ما رأينا إلا خيرا، والله ما أدري ما يصنع بي . 
وأخرج  عبد بن حميد  عن  الحسن  قال : لما نزلت هذه الآية : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم   . عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف زمانا، فلما نزلت : إنا فتحنا لك فتحا مبينا  ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر   [الفتح : 2،1] اجتهد، فقيل له : تجهد نفسك وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال : أفلا أكون عبدا شكورا . 
وأخرج  ابن جرير  ، عن  قتادة :  وما أدري ما يفعل بي ولا بكم  قال : ثم درى نبي الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به بقوله : إنا فتحنا لك فتحا مبينا  ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر   . 
 [ ص: 316 ] وأخرج  ابن جرير  عن  الحسن  في قوله : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم  قال : أما في الآخرة فمعاذ الله؛ قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ولكن : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم   . في الدنيا؛ أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي، أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي، ولا بكم   . أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا، أم مخسوف بها خسفا . ثم أوحي إليه : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس   [الإسراء : 60] يقول : أحطت لك بالعرب  ألا يقتلوك . فعرف أنه لا يقتل، ثم أنزل الله . هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا   [الفتح : 28] يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان . ثم قال له في أمته : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون   [الأنفال : 33] فأخبر الله ما يصنع به، وما يصنع بأمته . 
				
						
						
